إني هنا لا أريد أن أتعرض لشيء ما من أحكام الإحرام، وما يوجبه على المحرم من التزامات، وما يحظره عليه من محظورات، وما يترتب على فعل شيء من المحظورات من جزاء، وكون الإحرام واجبا لمن أتى على ميقات مكاني قاصدا مكة لأي غرض كان، كالتجارة والسياحة مثلا، أو لا يجب الإحرام على من مرّ بأحد مواقيته المكانية إلا إذا كان قاصدا حجا أو عمرة ... إلى غير ذلك من الأحكام المتعلقة بالإحرام وما يستلزمه من مستلزمات فرعية، وما حولها من اختلاف الفقهاء، فكل ذلك لا يعنينا منه شيء؛ لأنه ليس هو محل هذا البحث، ولا مقصودا بالبيان من قريب أو بعيد. فالتعرض له هنا خروج عن الموضوع، ومضيعة للوقت، وإطالة في غير طائل.
لذا سأحصر كلامي في الناحية المطلوبة المطروحة للبحث، والتي هي وحدها من أهم قضايا الساعة التي شغلت أذهان الناس وكثر السؤال عنها، واختلفت فيها أفهام علماء العصر وأحكامهم اختلافا ليست نتيجته على المكلفين سهلة يسيرة كيفما كانت، بل هي نتيجة ذات بال، تحمل على الناس كافة عبئا وإصرا لا يستهان به في سبيل الحج والعمرة، أو لا تحمله عليهم. وأقول: على الناس كافة؛ لأن الطائرة قد أصبحت اليوم في عصر السرعة هذا الذي نعيشه هي الواسطة الأساسية للحج والعمرة، وكذلك لمختلف الأسفار.