للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما ينبغي أن يراعى في عمليات هذا الصندوق أن لا تزيد نسبة عمليات المرابحة على (٤٩ %) من مجموع العمليات، حتى يكون معظم ممتلكات الصندوق أعيانًا. وحينئذ تكون صكوك هذا الصندوق تمثل حصة شائعة في وعاء معظم موجوداته أعيان، فيجوز تداولها في السوق الثانوية، ويتعين سعرها حسب العرض والطلب.

٤ - سندات القروض بدون فائدة:

الطرق الثلاث المذكورة فيما سبق تستطيع أن تلبي أكثر الحاجات التي من أجلها تحتاج الحكومة إلى التمويل من مواطنها وبما أن هذه الطرق للتمويل مرتبطة بمشاريع معينة، فإنها تضمن أن تستخدم الأموال المحصلة في مشاريع حقيقية يرجع نفعها إلى المجتمع. أما القروض التي لا ترتبط بمشاريع معينة فإنها مظنة أن تصرف في سرف وترف.

ولئن بقيت بعد استنفاد هذه الطرق بعض المجالات الحقيقية التي لا يمكن للحكومة أن تختار فيها إحدى الطرق الثلاث، فيمكن أن تطلب من مواطنيها قروضًا بلا فائدة. ولئن علم عامة الناس أن الحكومة قد بذلت كل ما في وسعها من الطرق المشروعة للحصول على التمويل، وأنها في حاجة حقيقية لزيادة من التمويل لأغراض يرجع نفعها إلى المجتمع، وليس لمجرد الترف والتنعم، فإنهم يستعدون لإقراض الحكومة بدون فائدة، ولاسيما إذا أحدثت الحكومة جوًّا دينيًا عن طريق التعليم والإعلام. إن هؤلاء المقرضين يعطون سندًا لقروضهم. وإن هذه السندات لا يجوز بيعها في السوق بثمن أكثر أو أقل لما قدمنا من منع بيع الدين بالتفاضل، ولكن يمكن أن تسيل هذه السندات بمثل قيمتها على أساس الحوالة.

ويمكن للحكومة أن تعفي حملة هذه السندات من بعض الضرائب أو تخفض نسبتها لهم، والظاهر أن ذلك لا يكون من قبيل القرض الذي جر نفعًا، وذلك لأن القرض إنما يدخل في القرض الربوي إذا تضمن إعطاء زيادة على رأس المال أو إعفاء المقرض عن دين كان يجب عليه. أما الضرائب فإنها ليست من قبيل الديون الواجبة على المواطنين، وإنما يجوز للحكومة فرض الضرائب عليهم للوفاء بحاجات الحكومة بقدر الحاجة، ولذلك للحكومة معايير مختلفة في فرضها على بعض المواطنين دون بعض، وتعيين نسب مختلفة لأصناف مختلفة منهم. ولما تقدم هؤلاء المقرضون بقروض وفت بعض حاجات الحكومة، فللحكومة أن تعفيهم عن بعض الضرائب أو تخفض عنهم بعضها، لأنهم أدوا بعض دورهم في سد حاجات الحكومة، فلا يطالب منهم قدر ما يطالب من الآخرين الذين لم يؤدوا هذا الدور إطلاقًا. والله سبحانه وتعالى أعلم، وله الحمد أولًا وآخرًا.

القاضي محمد تقي العثماني.

<<  <  ج: ص:  >  >>