للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً – التعريف بالدين لغة واصطلاحًا:

الدَّين – بفتح الدال – لغة يطلق على ما له أجل، وأما الذي لا أجل له فيسمى بالقرض، وقد يطلق عليهما أيضًا، ويقال دنته وأدنته أي أعطيته إلى أجل وأقرضته، وداينته أي أقرضته. وجمعه ديون، وأدين، واسم فاعله دائن، واسم مفعوله: مدين، ومديون عند التميم وأصل اشتقاقه ينبئ عن الذل والخضوع، فهو من دان بمعنى خضع واستكان (١) .

وقد ورد لفظ الدين – بفتح الدال – في القرآن الكريم أكثر من مرة، بل إن أطول آية فيه هي آية الدَّين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] ، وقد فسره المفسرون بعدة تفسيرات:

قال الشافعي: " يحتمل كل دين، ويحتمل السلف " (٢) .

وقال الطبري: "إذا تبايعتم أو اشتريتم به، أو تعاطيتم، أو أخذتم به إلى أجل مسمى ... وقد يدخل في ذلك القرض والسلم، كل ما جاز فيه السلم مسمى أجل بيعه من الأملاك بالأثمان المؤجلة، كل ذلك من الديون المؤجلة إلى أجل مسمى إذا كانت آجالها معلومة" (٣) .

وقال الجصاص: " ينتظم سائر عقود المداينات التي تصح فيها الآجال"، لكنه ذكر أن القرض وإن كان يسمى دينًا إلا أنه لا يدخل في منطوق هذه الآية، لأنه في الديون المؤجلة.

فعلى هذا فالدين في الآية هو: " كل دين ثابت مؤجل سواء كان بدله عينًا أو دينًا" (٤) ؛ وقد ذكروا أيضًا أن ابن عباس قال: "نزلت هذه الآية في السلم خاصة"، لكنها تتناول جميع المداينات إجماعًا، ولأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (٥) .


(١) القاموس المحيط: ٣ / ٢٢٦؛ ولسان العرب، ص ١٤٦٧؛ والمصباح المنير: ١ / ٢٢٠.
(٢) أحكام القرآن للشافعي: ١ / ١٣٧.
(٣) تفسير الطبري، تحقيق الأستاذ شاكر، ط. دار المعارف: ٦ / ٤٣.
(٤) أحكام القرآن للجصاص، ط. دار الفكر، بيروت: ١ / ٤٨٢ – ٤٨٤.
(٥) وراجع: تفسير ابن عطية، ط. مؤسسة دار العلوم بالدوحة: ٢ / ٥٠٠؛ وأحكام القرآن للالكيا الهراسي: ١ / ٣٦٤؛ وأحكام القرآن لابن العربي: ١ / ٣٤٢؛ وتفسير القرطبي، ط. دار الكتب: ٣ / ٣٧٧؛ وزاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي: ١ / ٣٤٠؛ والتحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور، ط. دار التونسية: ٣ / ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>