فإذا كان ذلك فالقرآن في معانيه وأساليبه على هذا الترتيب، والذي نبه على هذا المأخذ في المسألة هو الشافعي الإمام في رسالته الموضوعة في أصول الفقه، وإن كثيرا ممن أتى بعده لم يأخذها هذا المأخذ، فيجب التنبه لذلك، وبالله التوفيق (الموافقات: ٢/٦٦) .
أقول: ومن الواضح أن مثل هذا الاعتبار يجب أن يراعى في فهم كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وتنزيل أحاديثه الشريفة – وهي من جوامع الكلم العربي – على هذا الترتيب نفسه في فهم نصوص القرآن.
ثم أفاض الشاطبي في شرح " أن الشريعة المباركة أمية لأن أهلها كذلك؛ إذ لم يكن لهم معرفة بعلوم الأقدمين "، وأن تنزيلها على مقتضى حال الذين نزلت عليهم من أميتهم هو الأوفق والأجرى مع رعاية المصالح التي يقصدها الشارع الحكيم.
وقد أوضح العلامة الشيخ عبد الله دراز في تعليقاته أنه وفقا لهذا الاعتبار ربطت الشريعة مواقيت الصلاة بالدلائل الحسية المشهودة من الزوال والغروب والشفق، مما لا يحتاج إلى علوم كونية وآلات وتقاويم فلكية.
أقول: وواضح أن الشريعة السمحة الخالدة إذا صلحت للأميين حتى يسهل تطبيقها عليهم، صلحت لغيرهم من أهل العلوم وللناس أجمعين، ولا عكس. وهذا من أسرار آخريتها وصلوحها للخلود ما دام لبني الإنسان وجود، فجلت حكمة الله فيما شرع لعباده.