وهذا الدليل أضعف من الأول، لأنه حينما يقال بجواز بيع شيء، فإن الجواز يخضع لجميع الشروط اللازمة في مثل ذلك البيع، فمثلاً: إذا قلنا يجوز بيع الذهب، فليس معناه أنه يجوز بذهب أقل منه أو أكثر، وإنما المراد أنه يجوز هذا البيع بجميع شروطه المعتبرة، وهكذا في مسألة بيع الدين.
٣- وربما استدل بعضهم بما ذهب إليه العلماء من جواز (ضع وتعجل) استدلالاً بقصة بني النضير حينما أجلوا من المدينة المنورة، وإن هذه المسألة سبق وأن بحث فيها في المجمع، وفيها خلاف للفقهاء، ولكن الذين ذهبوا إلى جوازه إنما جوزوه إذا كان ذلك فيما بين الدائن والمدين، ولم يجوزه أحد منهم إذا تخلل ثالث في العملية. وهذه المسألة قد صدر فيها قرار من مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة، ونصه:
"الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله، سواء أكانت بطلب الدائن أم المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعًا، لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق، وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية، فإذا دخل بينهما طرف ثالث لم تجز، لأنها تأخذ عندئذ حكم حسم الأوراق التجارية ".
ثم تعرض الباحثون للبدائل الشرعية لبيع الدين وقد ذكرها بصفة خاصة سيادة الدكتور سامي حسن حمود، وسيادة الدكتور محمد علي القري، وفي بحثيهما القيمين، كما أنني ذكرت في بحث البدائل التي يمكن على أساسها تطوير الأوراق التي يمكن المتاجرة فيها.
والبدائل أتى بها الباحثون في هذا الصدد متقاربة متشابهة.
بديل حسم الكمبيالات:
أما حسم الكمبيالات، فيمكن تحصيل غرضه بطرق ثلاثة:
١- إن حسم الكمبيالات يحتاج إليه تاجر يبيع بضاعته بيعًا مؤجلاً، فيريد أن يحصل على مبلغ الثمن (أو ما يقاربه) معجلاً قبل حلول الأجل ليمكن له الوفاء بالتزاماته تجاه التجار الذين اشترى منهم البضاعة المصدرة، أو الصناع الذين صنعوها له، وأكثر ما يحتاج إليه التجار في تصدير بضاعاتهم إلى خارج البلد عن طريق اعتماد مستندي فيذهبون بالكمبيالات إلى بنك ليحسمه ويؤدي إليهم مبلغ الكمبيالة ناقصًا منه نسبة الحسم.