للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما القضية المهمة التي تعرض لها عدة باحثين هي: بديل السندات التي تصدرها الحكومة لتمويل عجز ميزانيتها، فقد أتى لها ببدائل في عدة بحوث منها:

صكوك المشاركة أو المضاربة، يمكن استخدامها في مشاريع تجارية تدر ربحًا، فيمكن أن تصدر الحكومة صكوك المشاركة أو المضاربة بالقراض لهذه المشاريع التجارية ويساهم حملة الصكوك في الأرباح التي تنتج من هذه المشاريع.

وكذلك ذكرت صكوك التأجير، ويمكن استخدامها في بناء مشاريع يمكن تأجيرها ويمكن تمويل هذه المشاريع عن طريق إصدار صكوك التأجير، مثلاً: تريد الحكومة أن تبني جسرًا فإنه يمكن أن تتقاضى رسومًا ممن يستخدم هذا الجسر، ويمكن أن يؤجر هذا الجسر إلى جهة تجارية وتتقاضى الرسوم ممن يستخدمه.

وهناك عدة قطاعات حكومية لا تدر ربحًا فكيف يمكن تمويل تلك القطاعات لأنه لا يمكن على أساس المضاربة أو المشاركة أو التأجير؟ واقترحت لذلك في بحثي تكوين صندوق تمويل للحكومة، فقلت:

قد تكون لدى الحكومة مشاريع لا تدر ربحًا، أو تدر ربحًا بسيطًا لا يكفي لتشويق الناس إلى المساهمة فيه. مثل دعم القوات المسلحة، وإنشاء المعاهد الدراسية، أو المستشفيات العامة، أو إنشاء المباني التي لا تدر ربحًا. إن تمويل هذه المشاريع لا يمكن على أساس المشاركة أو المضاربة.

ويمكن تمويل هذه المشاريع بإنشاء صندوق خاص لتمويل الحكومة. وإن هذا الصندوق يتكون بمساهمات عامة الناس، ويصدر لهم صكوك تشهد بمساهمتهم فيه. ثم إن الصندوق يمول مثل هذه المشاريع الحكومية على أساس المرابحة، أو التأجير، أو الاستصناع، حسب طبيعة المشروع فمثلاً: إذا احتجت الحكومة إلى شراء أسلحة؛ فإن هذا الصندوق يشتريها من المصدرين، ويبيعها إلى الحكومة مرابحة مؤجلة، وإن احتاجت الحكومة إلى ماكينة أو معدات أخرى، فإن هذا الصندوق يشتريها ثم يؤجرها إلى الحكومة إما إجارة عادية، أو إجارة منتهية بالتمليك. وإن احتاجت الحكومة إلى بناء عمارة، فإن الحكومة تعقد الاستصناع مع هذا الصندوق، وإن الصندوق يبني العمارة عن طريق مقاول من الباطن، ويسلمها إلى الحكومة، وتدفع الحكومة الثمن إلى الصندوق في أقساط معلومة.

ومما ينبغي أن يراعى في عمليات هذا الصندوق أن لا تزيد نسبة عمليات المرابحة على (٤٩ %) من مجموع العمليات، حتى يكون معظم ممتلكات الصندوق أعيانًا. وحينئذ تكون صكوك هذا الصندوق تمثل حصة شائعة في وعاء معظم موجوداته أعيان، فيجوز تداولها في السوق الثانوية. وأخيرًا ذكرت بديلاً آخر وهو أن تصدر الحكومة سندات القروض بدون فائدة. وهذه يمكن إصدارها ويمكن أن تنجح إذا كان الناس في ثقة أن الأموال الحاصلة من وراء هذه السندات لا تنفق في سرف وترف وتنعم، فإذا اعتمد الناس على حكوماتهم بأنهم لا ينفقون الأموال لمجرد تنعمهم فإنه لا يستغرب أن يعطوا الحكومة قروضًا بدون فائدة.

ثم ذكرت في الأخير أنه يمكن للحكومة أن تعفي حملة هذا السندات عن بعض الضرائب أو تخفض نسبتها لهم، والظاهر أن ذلك لا يكون من قبيل القرض الذي جر نفعا، وذلك لأن القرض إنما يدخل في القرض الربوي إذا تضمن إعطاء زيادة على رأس المال أو إعفاء المقرض عن دين كان يجب عليه. أما الضرائب فإنها ليست من قبيل الديون الواجبة على المواطنين، وإنما يجوز للحكومة فرض الضرائب عليهم للوفاء بحاجات الحكومة بقدر الحاجة، ولذلك للحكومة معايير مختلفة في فرضها على بعض المواطنين دون بعض، وتعيين نسب مختلفة لأصناف مختلفة منهم. ولما تقدم هؤلاء المقرضون بقروض وفَّت بعض حاجات الحكومة، فللحكومة أن تعفيهم عن بعض الضرائب أو تخفض عنهم بعضها، لأنهم أدوا بعض دورهم في سد حاجات الحكومة فلا يطالب من الآخرين الذين لم يؤدوا هذا الدور إطلاقا.

هذه خلاصة ما جاء في هذه البحوث، واعترف في الأخير بأنه قد وقع منى بعض التفريط أو التقصير في بيان ما جاء في البحوث الأخرى لأنه ما كان لي وقت كاف فأرجو من الرئاسة أن تعطي كتبة هذه البحوث الأولية عند النقاش.

وبهذا القدر أكتفى، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>