وقد ورد في تفسير البغوي المعروف بمعالم التنزيل: قال العلماء: الحج واجب على كل مسلم. وهو أحد أركان الإسلام الخمسة. ولوجوب الحج خمس شرائط: الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة. ولا يجب على الكافر والمجنون ولو حجَّا لم يصح؛ لأن الكافر ليس من أهل القربة، ولا حكم لقول المجنون، ولا يجب على الصبي والعبد، ولو حج الصبي يعقل أو يحج عبد صح حجهما تطوعا ولا يسقط الفرض، فإذا بلغ الصبي وعتق العبد، واجتمع فيهما شرائط الحج وجب عليهما أن يحجا ثانيًا، ولا يجب على غير المستطيع لقوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: ٩٧] . فلو تكلف غير المستطيع الحج وحج، صحَّ حجُّه وسقط عنه فرض حجة الإسلام، وبالتالي يعتبر الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم بن مهتا النفراوي أن الحج أشد أركان الإسلام (كتاب الفواكه الدواني) فهو فريضة على كل من استطاع إلى ذلك سبيلا من المسلمين الأحرار البالغين مرة في عمره، والسبيل الطريق السابلة: فمن شروط الحج إذن الاستطاعة، فلا يجب الحج على غير المستطيع، باتفاق المذاهب الأربعة، إلا أن هاته المذاهب اختلفت في تفسير معنى الاستطاعة.
فالاستطاعة لدى الحنفية هي القدرة على الزاد والراحلة، بشرط أن يكونا زائدين عن حاجياته الأصلية، كالدَّيْن الذي عليه والمسكن، والملبس والمواشي اللازمة له، وأن يكونا زائدتين عن نفقة من تلزمه نفقتهم مدة غيابه إلى أن يعود، ويعتبر في الراحلة ما يليق بالشخص عادة وعرفا، ويختلف ذلك لديهم باختلاف الناس واختلاف أحوالهم، فالرجل الذي لم يستطع أن يستأجر محملا، فإنه لا يجب عليه الحج، أو لا يكون قادرا على هذه الحالة. ومثله من لا يستطيع أن يستأجر مركبا يركب عليه وحده، فلو قدر على راحلة مع شريك له، بحيث يتعاقبان الركوب عليها، فيمشي كل منهما تارة، ويركب الآخر، فإنه لا يعتبر قادرا، ولا يجب عليه الحج.