للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢. تكييف عقد الصيانة غير المقترن بعقد والمحتاج إلى مادة والمتعهد بالمادة هو صاحب الشيء المصون:

هذا النوع من عقود الصيانة كالنوع الأول يكون فيه الصائن إما أجيرا مشتركا، أو أجيرًا خاصا، تطبق عليه أحكامهما، ويضاف إلى هذا النوع أن المادة التي يقدمها صاحب الشيء المصون تكون أمانة وفي يد الصائن يضمنها إذا تعدى أو قصر في حفظها باتفاق الفقهاء، أما إذا تلفت من غير تعد أو تقصير، فإن كان الصائن أجيرا خاصا فإن لا يضمن باتفاق الفقهاء أيضا، وإن كان أجيرا مشتركا فإنه في تضمينه وعدمه الخلاف المشهور بين الفقهاء (١) .

٣. تكييف عقد الصيانة غير المقترن بعقد والمحتاج إلى مادة والمتعهد بالمادة الصائن:

هذا النوع من عقود الصيانة يتضمن عقد إجارة كما في النوع الأول والثاني، ويتضمن عقد بيع للمواد من الصائن إلى صاحب الشيء المصون فهو عقد اجتمع فيه عقدان: البيع والإجارة، فهو صفقتان في صفقة، فهل يشمله النهي الوارد في حديث صفقتين في صفقة.

عن سماك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم ((عن صفقتين في صفقة واحدة)) (٢) .

هذا الحديث قال بعض العلماء أنه موقوف، وعلى فرض رفعه فقد اختلف في تفسيره، فقد فسره سماك، وهو أحد رواته، بأن يبيع الرجل البيع فيقول: هو بنسأ بكذا وكذا، وهو بنقد بكذا وكذا (٣) ..

وهو أيضًا تفسير لأبي عبيد القاسم بن سلام فقد قال: صفقتان في صفقة أن يقول الرجل للرجل: أبيعك هذا نقدا بكذا، ونسيئة بكذا، ويفترقان على ذلك (٤) .

وهذا هو أحد التفاسير لبيعتين في بيعة (٥) .

فعلى هذا التفسير فإن مسألتنا لا تدخل في النهي الوارد في هذا الحديث، ولكن التحقيق أن بيعتين في بيعة أخص من صفقتين في صفقة؛ لأنه في نوع خاص من الصفقات هو البيع (٦) .. وأما صفقتان في صفقة فإن يشمل البيع وغيره من الصفقات، فيدخل فيه الجمع بين عقدين في عقد واحد أيا كان نوع العقدين، فالجمع بين البيع والإجارة، أو البيع والإعارة، أو البيع والسلف، أو البيع أوالشرط.. . كل ذلك ونحوه من صفقتين في صفقة، ولكن هل يتناول النهي كل ما يصدق عليه لفظ صفقتين في صفقة؟


(١) ذكر قانون المعاملات المدنية سنة ١٩٨٤ السوداني هذه الأحكام في عقد المقاولة في المادة (٣٨١) والمادة (٣٨٤) وهذا نصهما: المادة (٣٨١-٢) : إذا كان صاحب العمل هو الذي قدم مادة العمل وجب على المقاول أن يحرص عليها وأن يراعي في عمله الأصول الفنية، وأن يرد لصاحبها ما بقي منها، فإن وقع خلاف ذلك فتلفت أو تعيبت أو فقدت، فعليه ضمانها. المادة (٣٨٤) : يضمن المقاول ما تولد عن فعله وصنعه من ضرر أو خسارة سواء أكان بتعديه أم تقصيره أم لا، وينتفي الضمان إذا نجم ذلك عن حادث لا يمكن التحرز منه، وهاتان المادتان مطابقتان للمادتين (٧٨٣) و (٧٨٦) من القانون المدني الأردني
(٢) روى هذا الحديث أحمد في مسنده: ١/٣٩٨، وأخرجه أيضا البزار والطبراني في الكبير والأوسط، ولفظ الطبراني في الأوسط: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تحل صفقتان في صفقة) ولفظه في الكبير (الصفقة بالصفقتين ربا) وهو موقوف: منتقى الأخبار مع شرحه نيل الأوطار: ٥/٢٤٨ -٢٤٩. قال في مجمع الزوائد: رجال أحمد ثقات: ٤/٨٤، ولكن البزار أعل بعض طرقه ورجح وقفه، وبالوقف رواه أبو نعيم وأبو عبيد القاسم بن سلام فتح القدير: ٥/٢١٨
(٣) مسند الإمام أحمد: ١/٣٩٨
(٤) فتح القدير: ٥/٢١٨
(٥) انظر كتاب الغرر وأثره في العقود، ص ١٠٢
(٦) فتح القدير: ٥/٢١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>