ففي المباني الحديثة عدد من الآلات والنظم، منها مثلا نظام وأجهزة التكييف، ونظام وأجهزة الإنارة والكهرباء ونظام وأجهزة إطفاء الحريق، ونظام وأجهزة إيصال الماء للاستعمال، ونظام وأجهزة تصريف المياه المالحة، وغير ذلك. وتكون العادة أن تعمل هذه النظم والأجهزة بصورة مستمرة، بحيث يفوت أي توقف أو تعطل فيها الكثير من المنافع والمصالح، ويكون العقد في كثير من الحالات لتشغيل هذه النظم والأجهزة وصيانتها معا. فيكون الصائن هو المشغل لها. وهو يلتزم باستمرار هذه النظم بالعمل حسب ما هو محسوب أو متوقع لها وبإصلاح ما يطرأ عليها عند حدوثه.
خصائص عقد الصيانة:
تتميز عقود الصيانة بخاصتين هما: الجهالة، والطبيعة التأمينية:
أ. الجهالة:
إن أهم خصيصة لعقد الصيانة، الذي هو أساسا عقد على عمل، هو وجود قدر كبير من الجهالة في العقد، فهناك جهالة في مقدار العمل المطلوب، وجهالة في مواعيد تقديمه. فهو عقد على عمل لإصلاح ما قد يصيب الشيء المطلوب صيانته من أعطال توقف أو تقلل من سيل المنافع أو المنتوجات المتوقعة من ذلك الشيء في عمله الطبيعي.
ويختلف مقدار الجهالة في العمل المعقود عليه في عقد الصيانة من عقد لآخر حسب شروط كل عقد وحسب طبيعة الشيء المصان. ففي بعض عقود الصيانة يكون هنالك حد أدنى متفق عليه من العمل المشمول بالعقد. يتضح ذلك في عقود التشغيل والصيانة معا التي تشترط في العادة حدا أدنى من العمل، يتفق على كميته ونوعيته في العقد.
ولكن العقد ينص دائما على التزام المشغِّل (الصائن) بأي مقدار من العمل يلزم لاستمرار عمل النظم والأجهزة حسبما هو مراد لها. فلا يشكل الحد الأدنى الاتفاقي إذن إلا مؤشرا فقط، فقد لمقدار العمل المعقود عليه الذي هو غير معروف المقدار عند العقد.
يضاف إلى ذلك أن أهم ما تنص عليه عقود الصيانة في العادة هو مواجهة الطوارئ. وهذه تتطلب مقدارا من العمل غير معلوم مسبقا بحكم العبارة. وكذلك فإن عقود الصيانة – ومثلها عقود التشغيل والصيانة معا – تتطلب دائما استعمال بعض الآلات والأدوات في إجراء أعمال الصيانة المطلوبة. ومقدار هذا الاستعمال مجهول أيضا، وكذلك مواعيده.
على أن من عقود الصيانة – وهو قليل نادر – ما يتم فيه التعاقد على أجرة للعمل بالساعة ويترك تحديد عدد الساعات لكل عملية صيانة بذاتها. تحصل هذه الأنواع من العقود بشكل خاص في عقود الصيانة من الباطن، حيث يلتزم الصائن تجاه ضامن الصيانة. ويكون اتفاقهما قائما على أساس تحديد معدلات الأجور لكل نوع من الأعمال التي قد يحيلها عليه متعهد الصيانة، دون تحديد كمية العمل التي ستحال كل مرة، ولا مواعيدها وهذه العقود تتطلب ممن يقوم فعلا بعملية الصيانة أن يحتفظ بمقدار من العمالة الجاهزة لديه، تحسبًّا لما يحتاج إليه في الحالات الطارئة.
يضاف إلى ذلك أن عقود الصيانة التي تشمل قطع الغيار تتضمن جهالة بمقدار هذه القطع وأثمانها عند الحاجة إليها، وهي قدر من الجهالة ليس باليسير سواء في كميتها، أو أنواعها، أو أثمانها، أو مواعيد تسليمها واستعمالها.