تختلف عقود الصيانة عن عقود الإصلاح البسيطة بخاصية مهمة جدا هي الطبيعة التأمينية لعقود الصيانة. ولشرح ذلك لابد من المقارنة بين هذين النوعين من العقود. ففي عقد الإصلاح يتم أولا فحص الآلة المتعطلة، بأجرة أو بدون أجرة، لتحديد ما تحتاج إليه من إصلاح، ونتيجة لهذا الفحص التشخيصي يتعرف الطرفان على ما تحتاجه الآلة من إصلاح ويتفقان على أجرة الإصلاح، وقطع الغيار والمواد الأخرى اللازمة، والمدة التي يستغرقها الإصلاح؛ لأن كل ذلك يصبح معلوما قبل العقد، كما يكون معلوما ما سيستعمله المصلح من الآلات لديه أثناء عملية الإصلاح.
أما في عقد الصيانة، فإن المقصود مواجهة ما يحدث في المستقبل، وهو أمر غير معلوم عند التعاقد، سواء أشمل العقد العمل وحده، أم العمل مع المواد الاستهلاكية واستعمال الآلات، أم كل ذلك مع قطع الغيار. لذلك فإن عقد الصيانة يشبه عقد التأمين في أنه ينبني على فكرة تحويل التكلفة المستقبلية المجهولة (تكلفة ما يطرأ من عطل على الآلة أو السعلة المعمرة) إلى مقدار معلوم هو الثمن الذي يمثل التزام الطرف المستفيد في عقد الصيانة.
أما من وجهة نظر الصائن، فهو مثل المؤمن (شركة التأمين) في عقد التأمين، يحصل على مبلغ ثابت محدد لقاء تحمله مخاطر تكاليف إصلاح ما يطرأ على الآلة أو السلعة المعمرة المعقود على صيانتها من تعطل. وبما أن هذه المخاطر مجهولة حين التعاقد. فإن عقد الصيانة لا يحدث، ولا يدخل فيه متعهد الصيانة إلا إذا توفر واحد من شرطين هما:
١.وجود أعداد كبيرة من راغبي الصيانة يدخل معهم في عقود صيانة بحيث تتحول الجهالة الفردية إلى ما يقرب العلم بالنسبة للمجموع، بسبب تطبيق نظرية الاحتمال على الأعداد الكبيرة.
٢.أو أن تكون قيمة العقد كبيرة بالنسبة للكلفة المباشرة للصيانة بحيث تعوض هذه القيمة (فجوة عدم اليقين) بما تتضمنه من مخصص أو هامش يحتاط به المتعهد لما هو غير متوقع من أعمال صيانة.