إن تعريف الإحرام أُشْكٍلَ على الفقهاء قديما وحديثا، والرسوم التي ذكرتها آنفا لفقهاء المذاهب لم تسلم من الاعتراض والنقد، فالتعريف الأول وهو تعريف ابن الهمام يتسنى نقده من وجوه ثلاثة:
(أ) أن يكون ابن الهمام – رحمه الله – أراد بـ " الدخول " في التعريف المذكور مطلق فعل الحاج أو المعتمر، وعلى هذا التفسير يلزم نفي الإحرام عن المحصر؛ لأنه غير متمكن من فعل النسكين، ويلزم عنه أيضًا أن النائم والمغمى عليه لا إحرام لهما.
(ب) أن يكون ابن الهمام أراد بالدخول حقيقته، وهي انشاؤه، يلزم على هذا الشرح أن يكون بعد إنشاء الدخول غير محرم؛ لأن الإحرام عنده إنشاء الدخول، وإذا دخل في أحد النسكين: الحج أو العمرة، أو هما معا، فلا يمكن وجود الإحرام حقيقة بعد ذلك.
وتلزم من ذلك لازمة خطيرة، وهو أن يكون غير محرم بدخوله هذا.
(ج) الذي يقع به الدخول في الإحرام النيةُ والتلبيةُ، أو ما يقوم مقام التلبية من الذكر، وتقليد البدنة مع السوق (١) ، والواجب من هذه النية وحدها، وما ليس بواجب لا يكون جزءا من واجب، والإحرام جزء.
وأما تعاريف الرملي الشافعي، والبهوتي الحنبلي، والمرتضى الزيدي، والعاملي الإمامي، فمعترضة من جهة أنها عرفت الإحرام بأنه النية، والنية شرط في الحج، فهي خارجة عن الماهية، والإحرام ركن فهو داخل في الماهية، وعندية الميقات عند المرتضى كذلك.
وأما تعريف أطفيش الإباضي فينقد من وجهين:
(١) ابن عابدين. رد المحتار على الدر المختار: ٢/١٤٧.