شكرًا سيادة الرئيس.. وأنا دائمًا وأبدًا أوجز، ولكني في هذه الحالة لا بد من أن ولا أستطيع الإيجاز الكامل إذ إنما سأفتتح كلمتي هذه بشيء من الأدب ولا بد منه، فقد كان المعز باديس في عاصمة القيروان وقد طاف حول المدينة الأعراب الذين قدموا من كل مكان وانهزم جيشه، فوقف أمامه شاعره وقال به:
تنبه لا يخامرك اضطراب *** فقد خضعت لعزتك الرقاب ...
فأمر بقصيدته أن تمزق وأن يطرد شاعره الأثير عنده عادة، لأن كلمة: تنبه، رأى فيها سوء أدب وقال له: متى تعودت مني الغفلة حتى تقول لي: تنبه، وفي هذا المقام ما قبلت أبدًا أن يقول لي أحد زملائي لأني أحترمهم جميعًا، أريد أن أنبه فلانًا، لأني أعتقد أننى قد انتبهت لكل ما قيل وانتبهت لما قلت، إذ جاء في كلمة الأستاذ صديقي وعزيز أن ما انضاف من الأموال الحكم فيه أنه يأخذ حول الأصل. قلت بالنسبة لمذهب مالك أن هذا ليس صحيحًا ولكن في مذهب مالك كل مال له حوله متى قبض، فلا حاجة لي بأن ينبهني شخص لوجود خلاف في مذاهب أخرى إذ أنني قلته من أول الأمر. هذه واحدة.
الأمر الثاني، لما تحدثت عن الملك الناقص لما قلت: ملكًا ناقصًا بالنسبة لرب الدين فأنا أعي ما أقول، لأن رب الدين عندما يدفع دينه لغيره فأصبح تصرفه في ملكه تصرفًا ناقصًا، إذ أنه لا يجوز بيع الدين ويدخله في كثير من الأحكام فملكه ملك منقوص.. وأيضًا لا يستطيع أن يستثمره إذ هو عند غيره، فلما قلت كلمة ملكًا ناقصًا لم أنف الملكية ولكني قلت إنها ليست ملكية لها الحقوق الكاملة للملك إذ نقص بعضها وبقي بعضها وإلا كان ذلك بيعًا لوانتفى الملك. هذا هو أمر الدين وهو نفس ما أقوله لفضيلة الأستاذ شيخنا الشيخ الزرقاء هذا ما أريد أن أقوله من كلمتي إنه ملك غير تام. وشكرًا.