للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أهل مكة – زادها الله شرفا – ومن بها من غيرهم، إذا كانوا بها فإهلالهم بالحج يكون عند رؤية هلال ذي الحجة، جاء في الموطأ عن عمر بن الخطاب – رضي الله تعالى عنه – أنه قال: " يا أهل مكة، ما شأن الناس يأتون شعثا وأنتم مدهنون، أهلوا إذا رأيتم الهلال ". وجاء فيها أيضًا إن عبد الله بن الزبير أقام بمكة تسع سنين وهو يهل بالحج لهلال ذي الحجة، وعروة بن الزبير معه يفعل ذلك (١) .

وإهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم بالحج لرؤية هلال ذي الحجة لم يوافق عليه عبد الله بن عمر أباه، بل كان يهل بالحج يوم التروية.

وعلل الباجي فعل ابن عمر بعلتين:

(أ) أنه لم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم يُهل حتى تنبعث به راحلته.

(ب) أن من دأب المحرم عدم الإقامة بموضع ينشئ فيه إحرامه، وإنما يحرم ويلبي عند أخذه في التوجه إليه حيث يقتضي إحرامه التوجه إليه، فكره أن يحرم بمكة، ثم يقيم بها بعد إحرامه ثمانية أيام (٢) .

وبكل من القولين قال جماعة من السلف والأئمة، وهما روايتان عن مالك رحمه الله، بقول عمر جاءت رواية المدونة، وبقول عبد الله بن عمر جاءت الرواية عن مالك أيضًا (٣) ، والخلاف في الأفضل، والكل جائز بالإجماع، جاء في المدونة: قلت (سحنون) لابن القاسم: أهل مكة في التلبية كغيرهم من الناس في قول مالك؟ قال: نعم. قال: وقال مالك: أحب إلي أن يحرم أهل مكة إذا أهل هلال ذي الحجة (٤) .


(١) مالك. الموطأ. كتاب الحج، إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم: ٢/٢٥٨.
(٢) المنتقى: ٢/٢١٩.
(٣) الزرقاني. شرحه على الموطأ: ٢/٢٥٨.
(٤) سحنون. المدونة: ١/٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>