للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمثلة من تخريج الأصوليين:

قال عبد العزيز البخاري في شرحه على (كشف الأسرار) :

النهي عن المشروعات يقتضي بقاء مشروعيتها:

وعلى هذا الأصل يخرج كلها، منها:

١- أن البيع بالخمر منهي بوصفه وهو الثمن، لأن الخمر مال غير متقوم، فصلح ثمناً من وجه دون وجه، فصار فاسداً لا باطلاً، ولا خلل في ركن العقد ولا في محله، فصار قبيحاً بوصفه، مشروعاً بأصله.

٢- وكذلك بيع الربا مشروع بأصله (أي بيع هو ربا) ، وهو وجود ركنه في محله، غير مشروع بوصفه وهو الفضل في العرض، فصار فاسداً لا باطلاً.

٣- ومنها: صوم أيام التشريق حسن مشروع بأصله، وهو الإمساك لله تعالى في قوته طاعة وقربة، قبيح بوصفه، وهو الإعراض عن الضيافة الموضوعة في هذا الوقت بالصوم، فلم ينقلب بالطاعة معصية بل هو طاعة انضم إليها وصف هو معصية.

٤- ومنها: الصلاة وقت طلوع الشمس ودلوكها، مشروعة بأصلها إذ لا قبح في أركانها وشرطها، والوقت صحيح بأصله فاسد بوصفه وهو أنه منسوب إلى الشيطان، كما جاءت السنة: ((فإنها تطلع حين تطلع بين قرني الشيطان)) إلا أن الصلاة لا توجد بالوقت، لأنه ظرفها لا معيارها وهو سببها، فصارت الصلاة ناقصة لا فاسدة.

٥- ومنها النهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة متعلق بما ليس بوصف فلم تفسد.

٦- ومنها: البيع وقت النداء.

٧- ومنها: أن الزنا يوجب حرمة المصاهرة (١) .

وإذا ثبت هذا الأصل، وهو: (أن النهي بحقيقته يقتضي القبح في عين ما أضيف إليه) :

١- لم تثبت حرمة المصاهرة بالزنا، لأن المصاهرة شرعت نعمة وكرامة كالنسب، فإن ثبت كرامة لبني آدم اختصوا به من بين سائر الحيوانات، وتعلق به أنواع من الكرامات من الحضانة والإرث والنفقة والولايات.

٢- وكذلك الغصب لا يفيد الملك، لأنه عوان محض، فلا يصلح سبباً في الملك، لأن الملك نعمة وكرامة.

٣- لم يكن سفر المعصية سبباً للرخصة لكونه منهيًّا عنه، لأن الرخصة نعمة شرعت لدفع الحرج، فلا يجوز أن يتعلق بالمعصية.


(١) البزدوي، كشف الأسرار: ١ / ٢٨٦ – ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>