للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصالة الاجتهاد الجماعي:

اعتماد الاجتهاد الجماعي بدلاً من الاجتهاد الفردي في قضايا الأمة المصيرية:

فقد روى الإمام الطبراني في معجمه الأوسط عن علي – رضي الله عنه – قال: قلت: يا رسول الله إن عرض لي ما لم ينزل فيه قضاء في أمره ولا سننه كيف تأمرني؟ قال: ((تجعلونه شورى بين أهل الفقه والعابدين من المؤمنين، ولا تقضِ فيه برأيك خاصة)) (١) ؛ ولهذا فلا غرو أن تكون طريقة الخليفة الأول أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – وخليفته أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في الحكم والفتوى دعوة رؤوس المسلمين وعلمائهم، واستشاراتهم في النوازل والقضايا. وفي ذلك يقول الدارمي في مسنده عن المسيب بن رافع: كانوا إذا نزلت بهم قضية ليس فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر، اجتمعوا لها وأجمعوا، فالحق فيما رأوا (٢) .

وإن المنهج الجماعي في الاجتهاد قد عصم الأمة من الزلات والهفوات والأخطاء القاتلة، وكان ملاذاً في استكشاف واستنباط الحلول المناسبة لمشاكلها الطارئة، وقضاياها المصيرية الكبرى.

ولذلك كان تأسيس المجامع الفقهية لمناقشة قضايا الأمة الكبرى ومستجدات العصر التي عمت بها البلوى، بغية التوصل إلى موقف إسلامي يرقى إلى درجة الإجماع يتفق فيه المجتمعون على رأي معين.

والله من وراء القصد.

الشيخ خليل محيي الدين الميس


(١) الطبراني، المعجم الأوسط.
(٢) مسند الدارمي: ١ / ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>