للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثامنًا: روى الطبراني في الكبير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة، ثم قال لغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح، ثم تشاغل في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع. فذهب بها الغلام إليه.. فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذا في بعض حاجتك، فقال أبو عبيدة: وصل الله عمر ورحمه، ثم قال: تعالي يا جارية: اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان وبهذه الخمسة إلى فلان، حتى أنفذها، ورجع الغلام إلى عمر فأخبره، فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل، فذهب بها إليه فقال الغلام: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذا في بعض حاجتك، فقال معاذ: رحم الله عمر ووصله، تعالي يا جارية: اذهبي إلى بيت فلان بكذا، اذهبي إلى بيت فلان بكذا، فاطلعت امرأة معاذ على ما فعل معاذ في إنفاق المال، وقالت: نحن والله مساكين فأعطنا، فلم يبق في الصرة إلا ديناران فرمى بهما إليها.

ورجع الغلام إلى عمر فأخبره بما رأى، فسُرَّ بذلك وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض.

وهكذا والأمثلة لا تُعد ولا تُحصى على أن السلف الصالح كانوا يعيشون في ظلال الأخوة الإسلامية الوارفة، متحابين متكاتفين متفانين رحماء بينهم، أذلة على المؤمنين من إخوانهم، أشداء على الكفار وأعزة عليهم.

إنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.. الإيمان والاتحاد والأخوة، فإلى الأخوة الإسلامية حتى نتحد.. حتى نتعاون.. حتى ننتصر على أعدائنا.. حتى نسعد في الدنيا والآخرة، ويرضى عنا ربنا سبحانه وتعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>