للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إننا إذا عزلنا الحاكم عن هذه المسألة لم يكن يملك فرض أي حكم عام، ولعل وضوح كون السيادة في الإسلام لله هو الذي صور للدكتور المذكور أن المسلمين لم يعرفوا هذا المبدأ.

أما ما ذكره من الأخطاء (في تصوره) فليست إلا أخطاء في البحث أو النسبة، وكشفًا لفضائح كان ينبغي أن تكشف كما في مجال عمل بعض حكام السوء والمتملقين لهم. وواضح أن النظام الإسلامي يختلف تمام الاختلاف عن الثيوقراطية الغربية، وقد أشار إلى ذلك المودودي في كتابه.

نعم، لم يكن هناك إلا نزاع صوري بين من جعل حق السيادة لله - من السنة - كالمودودي، ومن جعلها حقًا للأمة - كالخفيف - فإن هذا الأخير أيضًا إنما يتصورها حقًا للأمة بإعطاء الله هذا الحق لها، إذ يستدل على مبدأ الشورى بمثل: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] و {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨] مع فرض أن المولى هنا في مقام التشريع لا الإخبار عن حق مسبق للأمة، بل حتى لو كان يخبر فإنما يخبر عن جعل إلهي مسبق لهذا الحق للأمة.

وعلى أي حال فالانفاق الإسلامي حاصل على أن حق السيادة لله لا غير، وإنما يبحث عمن أعطاه الله هذا الحق.

خامسًا: أما ما ذكر من قبل بعض القادة العلمانيين فهو أمر غريب حقًا. ذلك أننا إذا استندنا إلى هذا المنطق تجاهلنا:

أولًا: كل التعاليم الإسلامية الداعية إلى الحكم الإسلامي، وإقامة نظام الحياة الاجتماعية على أساس ديني:

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] .

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: ٤٥] .

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>