للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يبحث في المعرفة العملية، ويرى أنها مكونة من أمرين: علمي وأخلاقي معياري، لينتهي إلى أنه لا يمكن إضفاء طابع الضرورة على الأحكام الأخلاقية (ص١٥٦) ، وهذا يشمل حتى المبادئ الأخلاقية الأساسية كمبدأ العدالة والحرية والمنفعة، فهي غير مطلقة، لأنها قد تتعارض فيتم تقييدها، وهكذا يصل إلى ما يسميه بالمقولة المنطقية الأساسية، وهي أنه لا يمكن اشتقاق الجائز من الضروري، والقرآن لا يمكن أن يعطينا معرفة علمية جائزة (ص١٧١) ، ولا يمكن اشتقاق معرفة معيارية من أي خطاب ديني (ص١٧٥) ، متعرضًا بشكل سطحي جدًّا إلى قاعدة: (لا ضرر ولا ضرار) وقاعدة: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ، معتبرًا القاعدة الأخيرة تحصيل حاصل لا يحتاج منا إلى وحي.

وعن العلاقة بين الأخلاق والدين: يطرح مسألة التحسين والتقبيح العقليين، ليؤيد فكرة المعتزلة والإمامية القائلين بأن الحُسن والقُبح ذاتيان، ويستنتج أن العقل يسبق الوحي بل يعتمد عليه الوحي.

وفي ما يسميه بالأطروحة الأبستمولوجية الثانية يفترض أن الإنسان قادر على تكوين المعرفة الاجتماعية، ولكن هناك معوقات تمنعه من استكمال المعرفة الأخلاقية من قبيل:

(الأنانية والميول والعجز عن التنبؤ، والطبيعة الخاطئة) ، ثم يسعى لبيان إمكانية غلبة الإنسان على هذه الموانع متسائلًا: لماذا نقبل أن تقف هذه عقبة أمام المعرفة العملية دون أن تمنع من تكون المعرفة الدينية؟

وفي نص آخر يتحدث عن موجبات طاعة الله، ويحصرها في كونه حاكمًا وكونه مالكًا، ليؤكد على أن هاتين الحيثيتين لا تؤديان إلى الالتزام المطلق بعد أن كانت هناك اعتبارات عقلانية، لينتهي إلى جعل المرجع النهائي هو (الاعتبارات العقلانية) (ص٢٨١) ، ويطرح في مسألة الالتزام الديني شبهات من قبيل:

أولًا - الدين إنما يعرفنا واجباتنا الأولية لا واجباتنا بالفعل وهي مقيدة بالظروف الزمانية والمكانية.

ثانيًا - إن واسطتنا في الإطاعة هي النصوص، وهي لا تنفع إلا إذا تطابقت مع الاعتبارات العقلانية.

ثالثًا: إن رجوعنا إلى الله عن طريق هذه النصوص هو أصعب من رجوعنا مباشرة إلى هذه الاعتبارات، لتعرضها للتحريف.

وهو في الواقع يعمل جاهدًا على نفي مرجعية الوحي، والعودة إلى ما يسميه بالاعتبارات العقلانية في عملية التشريع كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>