وفي البرلمانية البريطانية - مثلًا - التأم شمل كبار الملاك أو الإقطاعيين السابقين الذين التفوا حول الإقطاعي الأكبر الذي صار ملكًا، وصاروا هم مَن عُرِف بالأرستقراطيين - مع التجار أو مع الطبقة الجديدة (البرجوازية) ، تحت سقف واحد، مفتتحين عصر الرأسمالية (التجارية) بكل مطامعها في الداخل، وبكل أعمال القرصنة والاستعمار فيما عُرف بعصر الاكتشافات الأوروبية وعصر الاستعمار - وما أبادوا من أجناس واسترقوا من الأجناس وسرقوا ثالثة -، وكان على العمال (البروليتاريا) أن يكافحوا طويلًا حتى يأخذوا لهم مكانًا تحت ذلك السقف، ومن هنا كان تعدد الأحزاب تصويرًا لواقع طبقي حقيقي. والأهم أن الرأسمالية الغربية بمنهجية الصراع لم تكن رسالة إنسانية لجميع الناس في نظام محرر، بل كانت رسالة مُحَرَّرَةً من كل مبدأ إنساني، وموجهة لخدمة رأس المال على حساب رأس سواه.
وكما لم تكن هذه الطبقة الجديدة (البرجوازية) في مدينتها البرجوازية تتوجه إلى ديمقراطية حقة تحتوي كل الناس - كل الطبقات في بلادها -، لم تكن في نظامها العالمي الجديد (Nauveau Order Seculum) تفكر في غير السيطرة والقهر.
وقد استطاعت هذه الطبقة (البرجوازية) وقد وجدت أمامها السفينة المحيطة - وهي عطاء معرفي علمي (بشري) واكبت به كفايات الإنسان العربي المسلم، الذي كان يمسك بمقود التطورات في العالم، إلى أن دخلته هذه الطبقة الجديدة (البرجوازية) الطاغية، التي تحول كل شيء إلى سلاح صراع وسيطرة - أن تحولها (أي أن تحول السفينة المحيطة) إلى سلاح للسيطرة على ممرات التجارة الدولية، ولتتمكن من خلال هذه السيطرة أن تحول ممرات التجارة الدولية من ممرات إلى (مضايق) ! أو قل (مغلقات) ! تمنع المرور منها، لتحشر الآخرين بعيدًا عن الانطلاق إلى آفاق العالم الجديد، وإن كانت تبحر بسفينة عربية، وخرائط عربية، بل وتركب الحصان العربي! مما جعل أحد الكتاب يقول: إن الحصان العربي قد وصل إلى أمريكا، ولكن فارسه العربي الشهم لم يصل!
وكم خسر العالم بعدم وصول (الفارس العربي) الشهم الذي دائمًا حمل مشروعًا حضاريًّا، وكم خسر العالم بوصول فرقة الخيالة الأسبانية إلى المكسيك ومعها الحصان العربي، دون فارسه! ولقد كان الحصان العربي الذي أربك الهنود الحمر أكثر مما سواه، ولم يكن عليه الفارس العربي الشهم، بل كان عليه (كورتيز) الذي تقدم لإبادة هنود الأزتيك والأنكا، وليقضي على حضارتهم.