وقد أشار ابن رشد بإيجاز في (بداية المجتهد) إلى الخلاف الحاصل بين الفقهاء في الحكم على الزواج من تأثيرات المرض، وبعد أن عدد موانع الزواج درس موانع المرض في الفقرة العاشرة مبينًا أن فقهاء الأمصار اختلفوا في نكاح المريض، فأجازه أبو حنيفة والشافعي، والمشهور من الأقوال المنسوبة لمالك أنه لا يجوز، وقيل: إنه فرق بينهما، كما نسب إليه قول آخر بعدم التفريق بينهما إن اختارا البقاء، قائلاً إن التفريق مستحب وليس بواجب.
هذه العبارات التي قال بها العلماء وضحها السرخسي، فبعد أن استعرض مواقف الحنفية من فسخ العقد بتوفر أحد العيوب الخمسة قال: والمعنى فيه أن النكاح عقد بمعاوضة يحتمل الفسخ، بأسباب، فيثبت فيه حق الرد بعيب يخل بالمقصود كالبيع، والمقصود بالنكاح قضاء الشهوة وشرعًا النسل، وهذه العيوب تخل بهذا المقصود وعدد هذه العيوب إلى أن قال: والجذام والبرص فيخلان به من حيث إن الطبع ينفر من صحبة المبتلى بهما، وربما تعدى ذلك إلى الولد.
وكان رأي الكفاني أكثر صراحة في تسجيل المبادئ العامة إذ بعد استعراضه للأمراض الخمسة قال محمد: خلوه من كل عيب لا يمكنها القيام معه إلا لضرورة، فيسوق ذلك إلى أن إجراء هذه الفحوصات لمن اختارها ينبغي عليه أن ينص عليه، لأنها إذا لم تقرر شرعًا فسيجر ذلك إلى كثير من الأمراض، ونحن نعلم اليوم أن داء هذا القرن هو (السيدا - الإيدز) من أهم عوامله هو الاتصال بين الجنسين، وأن أصحابه أصبحوا يدركون أنهم في حكم المحكوم عليه بالإعدام، ويتزوجون ولا يبالون، فلابد من ضوابط تجعل العقود الشرعية منسجمة مع المستجدات العلمية، التي أصبحت الساحة مكتظة بها، ولا نستطيع منع شبابنا من التعامل معها وشكرًا.