للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ يوسف القرضاوي:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فهي ملاحظات سريعة:

- الملاحظة الأولى - حول الفقرة الأولى من التوصيات، والتي حدث حولها نقاش، وهي قوله: (إن العبث بمكونات الإنسان وإخضاعه لتجارب الهندسة الوراثية بلا هدف أمر يتنافى مع الكرامة الإنسانية) والبعض قال: بلا ضرورة. أنا أقول: العبث بمكونات الإنسان لا يجوز بلا ضرورة ولا هدف، إذا كان عبثًا فهو أمر غير مشروع، يعني العبث بمكونات الإنسان، هذا أمر لا يمكن إجازته، فيجب حذف كلمة العبث أي التصرف أي شيء من هذا، أما العبث فلا يجوز لا لضرورة ولا لغير ضرورة كلمة العبث لابد أن تُحذف.

الشيء الآخر: أنا لا أرى مانعًا من الاستدلال بقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} مخالفًا سماحة الشيخ التسخيري، لأنه وإن جاء الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود وغيرهما في قضية {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] ، وحديث أبي أيوب الأنصاري عندما كانوا في فتح القسطنطينية إلى آخره هذا سبب النزول لا يُحكم على اللفظ العام، تظل الآية بعمومها هل يجوز الإلقاء إلى التهلكة أي تهلكة، لا يجوز أن يُلقي الإنسان بيده إلى التهلكة، سواء كانت تهلكة مادية، تهلكة معنوية، أو تهلكة فردية، أو تهلكة اجتماعية، أو تهلكة صحية ... أي نوع من التهلكة لا يجوز لأي إنسان الإلقاء بيده إلى التهلكة، وأيضًا أرى أن الاستدلال بقوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] في موضعه، بل هذه الآية أولى من الآيات الأخرى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١] ، فهي تعني جواب والشرط غير موجود أو الأمر غير موجود الذي وقع فيه هذا الجواب، والآية لا يستوي من يعلم ومن لا يعلم، وهي آية من الآيات القوية في الدلالة على هذا المعنى - استفهام استنكاري، لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون أي علم. هم يقولون هنا الفعل المتعدي نزل منزلة اللازم لا يستوي من يعلم ومن لا يعلم لا يستوي العالم والجاهل في أي علم كان.

أيضًا موضوع الأقارب وزواج الأقارب، نحن نعلم أن الإنسان حرم أنواعًا من زواج الأقارب {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: ٢٣] ، فهذا جزء من الأقارب حرمهم الإسلام شرعًا، وهناك جزء آخر أحله {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] ، وقد جاء في خطاب النبي صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} [الأحزاب: ٥٠] ، فنكاح بنات العمة والخالة منصوص عليه في نص القرآن، والنبي صلى الله عليه وسلم تزوج زينب بنت جحش بنت عمته، وزوج علي بن أبي طالب بنته فاطمة وهو ابن عمها رضي الله عنها، ورضي عنهم جميعًا، فزواج الأقارب من ناحية الجواز لا يشك فيه أحد، وهو أمر تعارف عليه المسلمون، ولكن إذا ثبت أن هذا الزواج قد يترتب عليه أضرار، وأنا أعرف في أسرتنا يعني بعضهم يكرر زواج الأقارب فأصبح عندهم الأضرس والمعوق وهكذا الأمر أصبح مشاهدًا كما قال الأخ فلا مانع من أن يكون هذا موضع نظر، والعرب من قديم قالوا صحنا نصح، وعن عمر قوله: إنما العرب قالوا من قديم:

فتى لم تلده قريبة فيضوى

وقد يضوى رديد الغرائب

<<  <  ج: ص:  >  >>