أ-تعريفه: الاستثمار في اللغة من ثمر الشيء إذا تولد منه شيء آخر. وثمر الرجل ماله إذا أحسن التصرف فيه والقيام عليه ونماه، وثمر الشيء هو ما تولد منه بالاستثمار، من استفعل بزيادة الألف والسين والتاء، وهو ما يفيد طلب الفعل، واستثمر الشيء أي طلب الحصول على ثمرته، وهذا إطلاق عام لمدلول الاستثمار، وقد يخصص بطريق الإضافة فيقال: استثمار المال، تجاري وفلاحي ... ومعلوم أن الإضافة تقيد وتخصص المطلقات، وهو ما سنعمد إليه في موضوعنا هذا بقصره على الاستثمار المالي.
فالاستثمار هو استخدام الأموال في الإنتاج، إما مباشرة بشراء الآلات والمواد الأولية، وإما بطريق غير مباشر كشراء الأسهم والسندات. وأصل المورد الطريق إلى الماء والمنهل، وهو مصدر الرزق، ويجمع على موارد، والفقهاء يستملون هذا اللفظ بهذا المعنى. والاستثمار كالاستغلال ويعمهما الانتفاع، لأنه هو الحصول على المنفعة والفرق بين الانتفاع والاستثمار أن الانتفاع أعم منه لأنه قد يكون بالاستثمار وقد يكون بغيره. وكذلك الاستغلال، وهو طلب الغلة، وهي كل عين حاصلة من ريع الملك الذي هو عين الاستثمار فيما تخرجه الأرض من ثمر وهي غلة من ريع. وقد فرقت الحنفية خاصة بين الثمرة والغلة في باب الوصية، فإذا أوصى موصي بثمرة بستانه انصرف ذلك إلى الموجود خاصة، أما إذا أوصى بغلته شمل الموجود وما بعرضه (١) .
ب-حكمه: الأصل استحباب استثمار الأموال القابلة لذلك لما فيه من وجوه النفع.
جـ-أركانه: أولاً: المستثمر. والأصل أن يتم استثمار المال من قبل مالكه، ولكن قد يجعل ذلك للغير فيقوم مقامه، وهو على صورتين: الأولى: الإنابة، وقد تكون من المالك كالوكالة أو من تعيين الشارع للقيام بذلك كمقدم القاضي على القصر، وقد يكون الاستثمار بالتعدي كأن يتقدم أجنبي بغير إذن صاحبه وبغير إذن الشارع لهذا الحق، فيعتبر حينئذ غاصباً.
(١) الهداية بشرح فتح القدير: ٨/٤٨٤، ط. بولاق؛ وحاشية ابن عابدين: ٥/٤٤٤، ط. بولاق؛ والمغرب مادة ريع.