للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحل الشاهد أنه لم يوجب أن يدفع إلى المساكين تمراً كما هو مقتضى الوقف، بل أجاز بيعه وذلك بحسب المصلحة التي يقدرها الناظر.

لهذا فإن تثمير الغلة ليس مخالفاً للنص ولا لمقصد صاحب الوقف إذا أخذنا بقاعدة متأخري المالكية بأن كل عمل لمصلحة الوقف يفترض أنه لو عرض على الواقف لرضيه واستحسنه فإنه يجوز أن يعمل وذلك أمر تقديري مداره على المصلحة الراجحة.

فمن الواضح أن تثمير الوقف أغبط للمنتفع وأنمى لأجر الواقف لهذه الاعتبارات متضامنة والتي تدور على محور المصلحة، نرى أنه لا حرج –إن شاء الله- في استثمار غلات الأوقاف التي نص الواقف على صرفها على جهة بعد تغطية حاجة الجهة المذكورة وحتى قبل ذلك، إن لم توجد ضرورة شديدة تدعو إلى الإنفاق.

ومع ذلك ينبغي أن تكون الأفضلية للاستثمار في عقارات من جنس الوقف بالإضافة إلى التوثيق الأكيد ووضوح الجدوى وعدم المضاربة في حرام ولا في شبهة لأن ذلك مخالف لقصد الواقف.

تغيير المعالم للمصلحة:

من أمثلته ما ذكره الحطاب في نقله لكلام البرزلي في مسألة مراعاة قصد المحبس لا لفظه "ومثله ما فعلته أنا في مدرسة الشيخ التي بالقنطرة، غيرت بعض أماكنها مثل الميضأة ورددتها بيتاً ونقلتها إلى محل البير لانقطاع الساقية التي كانت تأتيها ورددت العلو المحبس على عقبه المذكور بيوتاً لسكنى الطلبة بعد إعطاء علو من الحبس يقوم مقامه في المنفعة" (١) .

ومن أوجه مراعاة المصلحة تقديم ذوي الحاجة والفاقة على غيرهم، والأصل أن يتبع شرط الواقف الذي وقف على ذوي القربى دون تفضيل، لكن نقل في (الموازية) عن ابن القاسم إيثار ذوي الحاجة والفقراء على غيرهم، ولو أن الحبس على ذوي القربى (٢) .


(١) الحطاب على مواهب الجليل: ٦/٣٦.
(٢) المنتقى: ٦/١٢٦، مطبعة السعادة بمصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>