للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمر الثاني: هو تشجيع الناس على الوقف، وقد أشار فضيلة الدكتور عبد اللطيف إلى التجربة التي قامت بها بعض الجهات في الكويت وهي بلا شك تجربة رائدة نحتاج إلى الإفادة منها، ولكن المسألة بحاجة إلى زيادة تطوير، فإن هناك من أبواب الوقف ما يحتاج إلى نظر جديد، كان الناس فيما مضى يقفون الأوقاف بصفة فردية، فأحد المحسنين يسعى لإنشاء وقف إما على بعض طلاب العلم أو على بعض أوجه الخير، ولكن المسألة الآن اتسعت وبدت الحاجة ملحة لإيجاد أوقاف جديدة قد لا تسعها أموال الأفراد.

ولذلك فإن من الأهمية بمكان النظر في مسألة الأوقاف التي تكون رؤوس أموالها مشتركة يقوم كثير من المحسنين ومن أهل الخير بالتبرع لهذه الأوقاف، ثم بعد ذلك تقوم هيئة معينة بالإشراف على تنفيذ هذه الأوقاف وإنشائها، ووضع نظام خاص بها.

هنالك أيضاً مشكلة كبيرة في قضية الأوقاف، وهي مسألة بعض الأمور الاجتهادية التي أصبح من الضرورة إعادة النظر فيها، فكثير من الاجتهادات الفقهية التي اعتبرت أحكام الأوقاف وظروفها هي بحاجة الآن إلى إعادة انظر، فكثير منها يستند إلى الاجتهاد ولا يستند إلى دليل قاطع، فمسألة الحكر ومسألة الخلو وغيرها كلها مسائل أفتى فيها العلماء بالاجتهاد، فيجب أن نعيد النظر في أمثال هذه الاجتهادات الآن إن أردنا أن نطور هذه الأوقاف حتى تؤدي الغرض المنشود الذي أنشئت من أجله.

وبحث فضيلة الشيخ عبد الله بن بيه في الحقيقة تمحور حول قضية المصلحة وارتباطها بالوقف، وأطال النفس في هذا الباب، وكنت أتمنى لو أن فضيلته وفر هذا الجهد للحديث عن بعض القضايا المشكلة التي تحتاج إلى بحث فإنه قرر بعد صفحات طويلة أن قضية الوقف متعلقة بالمصلحة، وأن الوقف ليس مسألة تعبدية بل أمر معقول المعنى، والحقيقة أن هذه القضية لا تحتاج إلى طول بحث وكبير نظر، لأنها من المعاملات والعقود، وكلها في جملتها مبنية على المعاني والمقاصد الشرعية الواضحة، ولا يمكن أن تكون هذه من الأمور التعبدية، فكنت أتمنى لو أن فضيلته ناقش عدداً من القضايا التي أشار إليها ومر عليها مرور الكرام، في مسالة تغيير مصارف الأوقاف، وفي مسألة توجيهها وجهة معينة، وفي مسألة جمعها إلى بعضها، هذه أمور كلها تحتاج إلى إعادة نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>