ينبغي ألا يغيب عن بالنا أن الإجارة المنتهية بالتمليك هي عقد تمويلي يقصد منه تقديم بديل للتمويل القائم على أساس القرض الربوي، وهو ظاهرة أثارتها على المستوى الشرعي البنوك الإسلامية في سعيها لتنويع البدائل عن الربا من عقود يستربح فيها بالمال بما يتوافق مع أحكام الشريعة الغراء، وهو أيضاً عقد لم يتم اختراعه من قبل الخبراء المسلمين كما هو الشأن بالنسبة للمرابحة، وإنما عرفته الأمم الغربية التي لم تعن به كبديل للربا، لذلك يمكن أن نجد في بعض صوره ظواهر ربوية أو مخالفات شرعية أخرى جاءت بحكم استعارته من الغرب، مما يجعله بحاجة إلى التنقية والتصفية الشرعيتين.
ولكننا بنفس الوقت ينبغي ألا نندفع وراء التعريفات والتقسيمات الغربية لأنواعه، لأن هذه التعريفات ليست معياراً شرعياً عندنا، وإن كانت مفيدة في التعرف على خصائص كل صورة من صوره.
والإجارة المنتهية بالتمليك –بصفتها عقداً تمويلياً- تطبق في العادة بأسلوب الإجارة للآمر بالشراء، أي أنه عند إبداء العميل رغبته بالاستئجار لا تكون العين مملوكة للمصرف، فيأمره بشرائها ويَعِده باستئجارها بعد ذلك، وقد يسبق عقد الإجارة شراء المصرف للعين، فتكون عندئذ إجارة لعين موصوفة، على أنه عند تطبيق الإجارة المنتهية بالتمليك على عين كانت مملوكة للعميل، واشتراها البنك الإسلامي منه ليؤجرها له، يتتالى العقدان، بحيث يشتري البنك الإسلامي العين، ثم يؤجرها نفسه إلى البائع إجارة منتهية بالتمليك.
فالإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق الهبة عقد إجارة تكون فيها الأقساط عالية بحيث تتيح للمصرف الإسلامي استرداد رأس ماله مضافاً إليه عائد متفق عليه، وبالتالي فإن ما يبرر الهبة هو كون المؤجر قد استرد فعلاً قيمة العين المؤجرة من خلال أقساط الأجرة، على أن العقد يسميها دائماً أقساط أجرة ويعاملها على أنها أجرة من حيث استحقاقها، واستمرار ملكية المؤجر للعين كاملة، وعدم نشوء أي حق على العين المؤجرة نتيجة دفع الأجرة عن المدة السابقة إذا طرأ ما يقتضي إلغاء العقد أو الإقالة منه، كما أن الواضح أن العمر الاستعمالي للعين المؤجرة يفوق مدة الإجارة بحيث يكون المستأجر راغباً بامتلاك العين بعد انقضاء عقد الإجارة، وبمعنى آخر فإن قيمة العين المؤجرة في الإجارة المنتهية بالتمليك بجميع صورها تفوق –عند انتهاء عقد الإجارة- قيمة الخردة البحتة، وإلا لما رغب المستأجر في تملكها بعد عقد الإجارة.