للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- وقوع الإجارة بالمعاطاة:

قد اتضح مما تقدم افتقار عقد الإجارة إلى الإيجاب والقبول من المؤجر والمستأجر، ولا إشكال في وقوع الإجارة بالعقد اللفظي الذي هو الإيجاب والقبول، إنما الكلام في وقوعها بالمعاطاة، حيث إن الإجارات المتعارفة في عصرنا- غالباً – تقع بتعاطي العين المؤجرة من دون إجراء الصيغة المعهودة للإجارة، فذاك دافعنا إلى البحث عن وقوع المعاطاة في الإجارة.

قال السيد الخميني: [عقد الإجارة هو اللفظ المشتمل على الإيجاب، الدال بالظهور العرفي على إيقاع إضافة خاصة مستتبعة لتمليك المنفعة أو العمل بعوض والقبول الدال على الرضا به وتملكها بالعوض، والعبارة الصريحة في الإيجاب: "آجرتك أو أكريتك هذه الدار مثلاً بكذا "وتصح بمثل "ملكتك منفعة الدار"مريداً به الإجارة لكنه ليس من العبارة الصريحة في إفادتها] .

ولا يعتبر فيه العربية، بل يكفي لفظ المعنى المقصود بأي لغة كان، وتقوم مقام اللفظ الإشارة المفهمة من الأخرس ونحوه كعقد البيع، والظاهر جريان المعاطاة في القسم الأول منها، وهو ما تعلقت بأعيان مملوكة، وتتحقق بتسليط الغير على العين ذات المنفعة قاصداً تحقق معنى الإجارة، أي الإضافة الخاصة، وتسليم الغير لها بهذا العنوان، ولا يبعد تحققها في القسم الثاني أيضاً يجعل نفسه تحت اختيار الطرف بهذا العنوان أو بالشروع في العمل كذلك. (١)

واستدل الإمام الخميني على صحة المعاطاة في كل عقد أو إيقاع يمكن إنشاؤه بالفعل بما يلي:

"مقتضى القاعدة جريان المعاطاة في كل عقد أو إيقاع يمكن إنشاؤه بالفعل، فإن العقل، كالقول آلة للإيجار والإيقاع الاعتباري، ومع الإيقاع كذلك، يعتبر المنشأ مصداقاً للعناوين العامة والخاصة، ودليل صحتها ولزومها هو الأدلة الخاصة أو العامة" (٢) .

واستدل السيد البجنوردي في قواعده على صحة المعاطاة في الإجارة بوجهين.

الأول: تحقق عنوان الإجارة بالمعاطاة فتشمله العمومات.

الثاني: قيام السيرة المستمرة في جميع أنحاء العالم على تحقق الإجارة بالمعاطاة وبناء العقلاء من كافة الأمم على ذلك فإذا تحققت الإجارة بالمعاطاة فتشملها العمومات من الآيات والروايات التي تدل على إمضائها وترتيب الأثر عليها، فلا ينبغي أن يشك في صحة الإجارة المعاطاتية ولزوم ترتيب أثر الإجارة الصحيحة عليها، وجميع أدلة اللزوم خصوصاً أصالة اللزوم في الملك تجري، فالإجارة – مطلقاً – تحققت بالعقد أو المعاطاة معاملة لازمة لا تنفسح إلا بالتقايل أو شرط الخيار كسائر العقود اللازمة (٣) .


(١) تحرير الوسيلة: ١/٥٧١.
(٢) كتاب البيع للإمام الخميني: ١/١٨٠ مؤسسة النشر الإسلامي.
(٣) القواعد للبجنوردي: ٧/٥٩ مطبعة الخيام – قم.

<<  <  ج: ص:  >  >>