للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محرره عبد الله بن بسام: كأن الشيخ سليمان بن علي لم يطلع على أقوال العلماء التي نقلناها وغيرها.

وبعد، فما تقدم من النصوص في بيان وتحديد مكان رمي الجمرات منقول عن علماء مكة المكرمة ويلاحظ منه أمور:

أولا: كان مرمى الجمار الثلاث غير محوط، وكان الناس يرمون الحصى بأصل الشاخص وما قرب منه من الأرض، والعلماء قد اختلفوا في قدر المرمى، فبعضهم يقدره إلى أصل الشاخص بثلاثة أذرع وبعضهم باقل من ذلك والثالث منهم يرون أن الشاخص وأرضه ليسا من المرمى، فلو تعلقت الحصاة في المرمى لم تجز، ولو أزيل الشاخص فرمى مكانه لم يجز، فبينهم في ذلك خلاف طويل جدًا، لاسيما بين علماء الحنفية وعلماء الشافعية. أما الحنابلة فلم نعثر لهم على تقدير وتحديد لموضع المرمى، وإنما يتناقلون عبارة الشافعي المتقدمة.

قال الشيخ محمد شكري إسماعيل حافظ كتب الحرم المكي ؤفى رسالته "الأنهار الأربعة في مرمى جمرة العقبة". الزحمة عند جمرة العقبة يلزم إزالتها بوضع شباك حواليها.

هكذا أفتى كل من العلامة إبراهيم أدهم أفندي قاضي مكة المكرمة، والفاضل إسحاق أفندي قاضي مكة المكرمة، والفاضل إسحاق أفندي قاضي المدينة المنورة، والشيخ الكامل أحمد أفندي الطاغستاني مدرس السليمانية، والفاضل حسن أفندي مدرس الداوودية، والمولوك عبد الحق من أكابر علماء الهند، والفاضل محمد أفندي الشليانى المدرس بالحرم المكي، وغيرهم من العلماء، قال كل منهم: يجب إزالة الزحمة بالشباك، فأحدث في آخر شهر ذي القعدة من شهور السنة إحدى وتسعين ومائتين وألف شباك حديدى، والحامل لهم على ذلك دفع معظم زحمة الرامين لجمرة العقبة، لا لتحديد ذات المرمى، ومساحة يسار العلم إلى جهة منى ما بين ركن العلم والشباك بذراع اليد أربعة أذرع وخمس أصابع ونصف، ويمينه إلى جهة مكة ما بين ركنه والشباك خمسة أذرع، وأما من جهة الوادى ذراع واحد وعشرة أصابع من جهة مكة ومنى وما بين طرفي الشباك مع إدخال مساحة العلم فيه ثلاثة عشر ذراعا وعشر أصابع ونصف. فهذه حدود العلم إلى الشباك.

قال محرره عبد الله بن عبد الرحمن البسام: وقد اعترض على أحداث هذه الشباك بعض العلماء، وأشدهم إنكارا له الشيخ على باصرين عالم مدينة جدة في زمنه، فقال في رسالة له: أن المقصود من وضع ذلك الشباك رفع معظم زحمة الرامين وهو حسن، غير أنه بالتحويط بذلك الشباك وعلى ما يعتبر فيه الرمي وما لا يعتبر؛ يحصل إيهام العوام، فيتوهمون أن جميع ما أحاط به ذلك مرمى، وليس الأمر كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>