ثم أتى نص الفصل ١٠٨ فوضع الصيغ التي لا يصلح الشرط إذا علقت به إحداها، فأبطل تعليق الالتزام على شيء مستحيل، فمثلًا إذا قلت لشخص: أهبك دارًا إذا لمست الشمس بيدك، أو أطلعتها من المغرب، فهذا التزام باطل بحكم هذا النص، لأن الشرط علق بأمر مستحيل وغير قابل للوقوع، وأيضًا كل شرط يخالف أخلاق الإسلام ونصوصه في المغرب يعتبر باطلًا، ويبطل الالتزام الذي علق عليه، لأن الأخلاق العامة والآداب في البلاد الإسلامية لابد أن تراعي مقتضيات الشريعة الإسلامية، ثم أبطل التشريع المغربي جميع الشروط التي تحول بين الإنسان وبين ممارسة حريته في تعاطي الأشياء المباحة كاشتراط عدم الزواج، أو اشتراط عدم ممارسة الحقوق المدنية، فأي شرط من هذا القبيل منعته القوانين المدنية العربية وغيرها من القوانين الأوروبية، وإلى ذلك أشار قانون الالتزامات المغربي في المواد ١٠٩ و١١٠ فالشرط في سياق الدراسات القانونية له مقومات لابد أن ينظر إليه من خلالها وهي:
١) لابد أن يكون الشرط أمرًا مستقبلًا ورأينا القانون المغربي استبعد الأمر الحاضر من أن يبني عليه الشرط، إذن يتضح من هذا أن الشرط أمر يعلق عليه الالتزام، ويتحتم أن يترك للزمن القادم فإذا قلت لولدي أمنحك دارًا إن نجحت بتفوق في امتحان الإجازة، فيكون التزامي له علق على شرط واقف حسب التعبير القانوني، وجزائي حسب التعبير الفقهي المعاصر.
٢) يجب أن يكون الشرط غير محقق الوقوع وهذه هي الميزة الفاصلة بين الشرط والأجل، فهذا الأخير لا يترتب إلا على أشياء محققة الوقوع، فإذا قلت لشخص: التزم لك بأداء مبلغ من النقود إذا مات فلان، أو إذا حل شهر رمضان فإن هذا التزامًا يكون مربوطًا بأجل لحتمية وقوع ما علق عليه، أما إذا قلت له: اشتري داري على أن أسكن فيها إلى أن ينزل المطر، فإننا نكون أمام أمر مستقبل غير محقق الوقوع، ولكنه غير مستحيل وليس محدد الوقت.
واستعرض السنهوري في كتابه: مصادر الحق في الفقه الإسلامي، كثيرًا من الصور للشرط الجائز وغير الجائز واستند إلى كتاب البدائع مبينًا رأي الحنفية فيها مثل: شرط ثلاثة أيام لإنجاز الثمن، فعلى قول زفر جائز ويقول في شأنه الكاساني:" ومنها شرط الأجل في المبيع العين، والثمن العين، وهو أن يضرب لتسليمها أجل ثلاثة أيام، لأن القياس يأبى جواز التأجيل أصلًا، لأنه تغيير مقتضى العقد ".