للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعند الحنفية أسهب السرخسي في كتابه المبسوط في جواز التعامل بناء على شرط إذا كان هذا الشرط مما يقتضيه العقد، فهو جائز وتعرض لجميع الحالات المباحة التي يمكن أن يوقف فيها الالتزام على شرط جزائي، ونص البدائع كما سلف على أن الشرط الذي يقتضيه العقد، لا يتأتى عنه فساد العقد، وتضمن الخرشي على مختصر خليل بن إسحاق المالكي أن كل شرط يقتضيه العقد فلا خلاف في صحته، كشرط تسليم المبيع والقيام بالعيب، وقسم ابن قدامة الشروط إلى أربعة أقسام أحدها من مقتضى العقد كتسليم المبيع والرد بالعيب، وخيار المجلس.

هذه النصوص لم نتوسع في سردها هنا لأن المهم أن مبادئ الشرط الجزائي مدرجة في كتب الفقه الإسلامي من قديم، وأن كتب القوانين وتبعًا لها التقنينات الإسلامية نصت عليها، وأن تتبع الأحكام الواردة عليها والشروط التي تتطلبها يبدو فيها كثير من التطابق بين أحكام الشريعة، وبين أحكام القوانين المدنية الوضعية، لذا فإن الشرط الجزائي يجب أن يقدم إلى المجامع اليوم على أصله الإسلامي، إذا كان يلائم طبيعة العقد، ولا يخالف النصوص الشرعية، ولا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا، ولا يتضمن وقف الالتزام على مستحيل، ويلاحظ أن كثيرًا من تطبيقاته في جل القوانين العربية تنسجم وروح الشريعة، فلا يخصها إلا إعلان أصلها الإسلامي.

ومن أحسن ما قيل في الشرط الواقف ما أتى به مصطفى شلبي في كتابه، التعريف بالفقه الإسلامي حيث قال: " العقد المعلق: هو ما كانت صيغته دالة على إنشائه وإمضائه من وقت صدورها، ولكن بأداة من أدوات التعليق، على تعليق هذا الإنشاء، وربط وجوده بوجود أمر مستقبل بحيث إن وجد الأمر المستقبل وجد العقد حين وجوده، وإن لم يتم ذلك فلا يوجد العقد ". وذهب علي حسب الله في كتابه أصول التشريع الإسلامي إلى أن الشرط الجعلي يأتي مكملًا للسبب، ثم إنه يتوقف نفاذ العقد على تحققه وقد عبر عنه رجال القانون بالشرط الواقف، وإليه أشار القانون المغربي في المادة ١٠٧ بقوله: " الشرط تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع، إما وجود الالتزام، أو زواله: " وهذا التعريف ينسجم مع تعريف الشيخ مصطفى الزرقاء بقوله: " ربط حصول أمر بحصول أمر " وهو عكس التنزيل الذي يكون فيه العقد مطلقًا ساري الحكم منذ صدوره (١) .


(١) المدخل للتعريف بالفقه الإسلامي، لمحمد مصطفى شلبي ٥٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>