للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرار مجلس هيئة كبار العلماء:

أصدر مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية القرار رقم ٢٥ بتاريخ ٢١ / ٨ / ١٣٩٤ الذي ينص على الآتي:

(إن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر، يجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له يعتبر شرعًا، فيكون العذر مسقطًا لوجوبه حتى يزول، وإذا كان الشرط الجزائي كثيرًا فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة، أو لحق من ضرر، ويرجع في تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظرة) (١) .

يتضمن هذا القرار عددًا من الأحكام هي:

١) الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح يلزم الوفاء به.

هذا حكم عام يجوز اشتراط الشرط الجزائي المعمول به في البلاد العربية والبلاد الإسلامية الذي بينا حقيقته في أول بحثنا.

٢) استثنى القرار من لزوم الوفاء بالشرط الجزائي الحالة التي يوجد فيها عذر معتبر شرعًا للإخلال بالالتزام في العقد الأصلي.

هذا الاستثناء متفق في الجملة مع الاستثناء الذي ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم ٦٧ / ٣ / ٧ بشأن الشرط الجزائي في عقد الاستصناع (٢) ، ومتفق أيضًا مع ما يشترطه القانون المصري لاستحقاق الشرط الجزائي (٣) .

٣) استثنى القرار أيضًا الحالة التي يكون فيها الشرط الجزائي كثيرًا عرفًا بحيث يراد به التهديد المالي. . . فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من ضرر.

هذا الحكم معمول به في القانون، وقد سبق بيانه (٤) .

٤) جواز التعويض عما فات من منفعة.

هذا الحكم يتفق في الجملة مع ما يقرره القانون المصري من أن التعويض يشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب (٥) .

٥) جواز التعويض عما لحق من ضرر.

هذا متفق مع القانون من حيث المبدأ، ولكن القانون نص على أنه يعوض عن الضرر المالي والضرر الأدبي، ولم يتعرض القرار لهذه المسألة، فيرجع فيها إلى الفقه الإسلامي، وقد بينا عدم جواز التعويض عن الضرر الأدبي (٦) .

بقيت مسألة هامة يجب التنبيه إليها هي أن القرار نص في أوله على (أن الشرط الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به. . .) (والعقود) لفظ عام يشمل كل عقد، فلو أخذنا بظاهره لجوزنا الشرط الجزائي في كل عقد، وهذا غير مراد قطعًا من النص، لأن من العقود ما لا يجوز اشتراط الشرط الجزائي فيه باتفاق الفقهاء، فعقد القرض لا يجوز اشتراط الشرط الجزائي فيه عن التأخير في السداد، لأن هذا ربا صريح، وكذلك اشتراطه في التأخير عن سداد جميع الديون أيا كان سببها، ولو كان التأخير مماطلة من المدين (٧) ، واستدلال بعض العلماء بقرار مجلس هيئة كبار العلماء على جواز وضع شرط جزائي يلزم المدين المماطل بدفع مبلغ من المال في حال المماطلة استدلال في غير محله، لأنه ليس في القرار نص في هذه المسألة، وفهمها من العموم الذي في كلمة العقود غير سليم، لأنه يؤدي إلى جواز الربا (٨) .


(١) انظر القرار من مقدمته في الملحق رقم ٤.
(٢) راجع، ص ٦٥.
(٣) راجع، ص ٥٣.
(٤) راجع، ص ٥٣.
(٥) المادة: ٢٢١؛ والوسيط: ١ / ٩١٠.
(٦) راجع، ص ٦٢ – ٦٤.
(٧) انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي في، ص ٦٨.
(٨) انظر بحث الشيخ عبد الله بن منيع عن: (مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته) ، ص ٥ و١٠ مطبوع على الآلة الكاتبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>