للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاصة

الشروط الصحيحة:

مما سبق نرى أن الشروط تكون صحيحة عند الحنفية في ثلاثة حالات:

الحالة الأولى:

الشرط الذي يقتضيه العقد، كشرط البائع تسليم الثمن، وشرط المشتري تملك المبيع، وشرط المستأجر الانتفاع بالعين المؤجرة، وهذا في الحقيقة ليس بشرط؛ حيث أفاد ما أفاده العقد المطلق بغير الشرط، فالشرط لا يزيده إلا تأكيداً.

الحالة الثانية:

الشرط الذي لا يقتضيه العقد لكنه ملائم للعقد: وهذا الشرط أجازوه بالاستحسان، ويرون أنه بالقياس يعتبر فاسدًا، كاشتراط الرهن والكفيل لضمان الثمن، والكاساني وضح هذا، وذكر أن الحوالة ليست كفالة، فشرطها يفسد العقد. غير أنا نجد ما يخالف هذا الرأي، فالسرخسي ذكر أن الكفالة والحوالة والرهن كلها مما يلائم العقد حيث قال:

وشرط الحوالة في هذا كشرط الكفالة لأنه لا ينافي وجود أصل الثمن في ذمة المشتري فإن الحوالة تحويل، ولا يكون ذلك إلا بعد وجود الثمن في ذمة المشتري بخلاف ما لو شرط وجوب الثمن ابتداءً على غير المشتري بالعقد فإن ذلك ينافي وجوب العقد فكان مفسدًا للعقد.

ثم قال:

وإن شرط أن يرهنه هذا المبتاع بعينه ففي القياس العقد فاسد لما بينا أنه شرط عقد في عقد وفي الاستحسان يجوز هذا العقد، لأن المقصود بالرهن الاستيفاء، فإن موجبه ثبوت يد الاستيفاء، وشرط استيفاء الثمن ملائم للعقد، ثم الرهن بالثمن للتوثق بالثمن فاشتراط ما يتوثق به كاشتراك صفة الجودة في الثمن (١) .

الحالة الثالثة:

الشرط الذي لا يقتضيه العقد، وليس بملائم له، ولكن للناس فيه تعامل، وفيه عرف ظاهر.

وهذا الشرط فاسد بالقياس عندهم، ورأوا جوازه استحسانًا لأن الثابت بالعرف قاضٍ على القياس، ويسقط القياس بتعامل الناس كما سقط في الاستصناع.

بل قال السرخسي:

الثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي، وفي النزوع عن العادة الظاهرة جرح بين (٢) .


(١) انظر المبسوط: ١٣ / ١٩.
(٢) المبسوط: ١٣ / ١٤ – ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>