الذي أثار موضوع الشرط الجزائي على نطاق واسع هو تجربة البنوك الإسلامية. البنوك الإسلامية بعد أن توسعت في عمليات التمويل وفي قواعد المرابحة وغيرها، بات كثير من الناس لا يقومون بسداد الديون التي تترتب في ذممهم، وبما أن الأصل في موضوع الشرط الجزائي – كما أوضح أستاذنا الشيخ الضرير- أنه لا غرامة ولا شروط جزائية في موضوع الديون، الإشكال ما زال ينمو ويتسع ويأخذ أبعادًا كبيرة في التعامل، عندما تطرح تجربة تشريعية شاملة في قضية من القضايا لابد في الواقع أن تلحظ هذه التجربة في التطبيق لتعالج مشكلاتها. وواضح أن هذا الأمر يتطلب من العلماء والباحثين والدارسين العناية بهذه القضية وإذا كانت لجان الرقابة الشرعية في البنوك أو المستشارين الشرعيين قد تصدوا لهذه القضية فهم يتصدون حقيقة لمشكلة عملية باتت تعاني منها البنوك الإسلامية.
لم ألحظ في الدارسات التي أمامنا هذه القضية بشكل واضح. نص على استثناء موضوع الديون وقيل: إن هذا يتعلق بغرامة التأخير، وغرامات التأخير بت في أمرها، لكن لم تقوم التجربة التي قدمتها بعض الاجتماعات الشرعية في هذا المجال. من حيث النظر إلى الأمر ليس من زاوية الربا (ربا النسيئة) وأن التأخير يقود إلى زيادة على رأس المال إنما من زاوية العقوبة المالية، وبالتالي اشترطوا – الذين قالوا بالجواز وذلك ضمن ما اشترطوا – ألا تعود غرامات التأخير التي ينص عليها من خلال الشرط الجزائي في البنك إنما إلى جهات الخير الأخرى وفي ظني أن كثيرًا من العقود التي تقوم الآن في عدد من البنوك الإسلامية تعتمد هذا المبدأ وتقف طويلًا عند حديث:((مطل الغني ظلم)) وفي الرواية الأخرى: ((لي الواجد ظلم)) ، وفي بعض الروايات:((يحل عرضه وعقوبته)) واستندوا على أن الأمر من قبيل العقوبة المالية وليس الربا لأن الربا يعود إلى صاحب رأس المال. وكون البنوك الإسلامية لجأت إلى هذا الأمر تحت مظلة الشرط الجزائي على أساس أن المعالجات العامة في القوانين والأنظمة لم تتبن هذا النهج باعتبار أن البنوك الإسلامية لا يتبنى نهجها على نطاق واسع في الدول كتبن كامل، وبالتالي كنت آمل من هذه البحوث أن تتصدى للقضية التي هي في الأساس كانت سببًا في طرح هذا الموضوع على نطاق واسع، ويكثر الحديث عن موضوع الشرط الجزائي من أجل هذا الأمر لكن واضح أن علاقة الشرط الجزائي بكثير من الأمور غير هذا الأمر.