للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العناصر المتفقة:

تتفق الأبحاث الأربعة على أهمية عقد التوريد في العصر الحاضر وأنه عصب الحركة التجارية محليًّا ودوليًّا، وأنه عقد جديد. تصوير العقد بمفهومه التجاري المتداول، والبعض حاول تعريفه تعريفًا فقهيًّا. وسأتجاوز عن هذه التعريفات نظرًا لاختصار الوقت.

التخريج الفقهي، وهو المهم في هذا العرض:

فضيلة القاضي محمد تقي العثماني ذهب إلى أن عقد التوريد من قبيل المواعدة اللازمة، وتفصيل هذا أنه قسم العين محل التوريد وموضوعه إلى قسمين:

١- ما يحتاج إلى صناعة فيكيف على أساس الاستصناع.

٢- وما لا يحتاج إلى صناعة وهذا لا يعدو أن يكون تفاهمًا ومواعدة من الطرفين، أما البيع الفعلي فلا ينعقد إلا عند تسليم المبيعات، وأن الإشكال هو في جعل هذه المواعدة لازمة، والحكم عند أكثر الفقهاء أن المواعدة لا تكون لازمة في القضاء، ويذهب البعض إلى القول بلزوم المواعدة عند الحاجة. ثم استشهد للرأي الأخير بما جاء في فتاوى (الخانية) وبما أفتى به بعض المالكية بما يخص بيع الوفاء. ثم عقب على هذا قائلًا: ولكن المقصود من هذا التنظير أن الفقهاء اعتبروا حاجة الناس في إلزام ما لم يكن لازمًا أصلًا، وأن عبارة قاضي خان – رحمه الله تعالى – بصفة خاصة صريحة في أن المواعدة يمكن أن تجعل لازمة لحاجة الناس، والمواعدة إنما تكون من الطرفين فتبين أنه لا بأس بجعلها لازمة عند الحنفية لحاجة الناس.

ومن الملاحظ والمهم حسب توجيه العلامة القاضي العثماني أنه لم يعد التوريد عقدًا، بل هو اتفاقية حينًا، وعقدًا حينًا آخرًا، وهذا يتبين من خلاصة البحث.

أم التخريج الفقهي لدى الأستاذ الدكتور رفيق يونس المصري فإنه اكتفى بسرد أسماء الفقهاء الذين أجازوه مع اقتباس نبذ من بعض تخريجاتهم.

التخريج الفقهي لدى العلامة الشيخ حسن الجواهري: اعتمد في مشروعية هذا العقد الجديد وصحته على عموم الآيات في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ، وقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} ، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} . إن هذا العقد يطلق عليه العرف بأنه تجارة عن تراض من الطرفين يدخل تحت عموم الآية السابقة، وعلى هذا فسوف يكون كل عقد عرفي ولو كان جديدًا لم يكن متعارفًا عليه عند نزول النص يجب الوفاء به إذا كان مشتملًا على الشروط التي اشترطها الشارع في الثمنين أو المتعاقدين أو العقد. ثم عرض فضيلته لأدلة المانعين لهذا العقد وتصدى للإجابة عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>