للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الخامس: يبقى أمر وهذا الأمر يتعلق بما لا تدخله الصنعة وليس من الأعيان الموجودة المرئية ولا الموصوفة كالمكيلات والموزونات التي لا تدخلها الصنعة وهذا يجب أن يطبق عليه عقد السلم بشرطه وهو: ألا يباع إلا بتقديم الثمن وإلا أغلقنا باب السلم، وألغيناه من الفقه الإسلامي، والمحاولات التي سبقت كثيرة وكررت في أكثر من مرة في دورات المجمع لمحاولة تبرير بعض العقود وإخراجها من عقد السلم فأرجوا ألا تكرر – إن شاء الله – مرة أخرى لأن عقد السلم باب مقر في الفقه الإسلامي ولا يمكن المساس به.

فما لا يمكن وصفه كالحبوب والثمار التي تكال وتوزن أو تباع عددًا كالفواكه وغيرها هذا لا بد فيه من تحقق شرط السلم وهو تعجيل الثمن وتأجيل المثمن وإلا أصبح بيع دين بدين والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، ونهى عن بيع الدين بالدين.

وأما ما أراد البعض أن يجعل محل عقد التوريد من بيع الصفات فبيع الصفات أو الموصوفات ينقسم إلى قسمين: بيع للموصوفات الموجودة المعينة، وبيع للموصوفات في الذمة، فبيع الموصوفات المعينة الموجودة المشخصة هذا لا ينطبق عليها ما ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الشخص: ((لا تبع ما ليس عندك)) . فالنهي عن بيع ما ليس عند الإنسان إنما هو من بيع الأعيان، أما ما في الذمم فكل ما في الذمم يصح بيعه وهو ليس عند الشخص لأنه متعلق بالذمة.

فلعل معرفة محل العقد هل هو بيع عين موجودة، أو بيع عين موصوفة بالأنموذج أو بالوصف الذي يكفي في السلم، أو بيع المستصنعات بشرطها وبقرار المجمع فيها في السابق، أو بيع ما لا تدخله الصنعة وهو المحل المشكل والذي قد يستشكله البعض في هذه الأبحاث؟ فلابد من تحقيق شرط السلم فيه.

أمر أحببت أن أضيفه وهو ما يتعلق بكلام الشيخ وهبة الزحيلي – حفظه الله – والذي نفيد منه كثيرًا إلا أنه قال: (التعقيد الفقهي) ودعانا إلى الخروج من هذا التعقيد الذي ذكره. والواقع أن هذا تعقيد لن نخرج منه إلا إليه، وكل ما ورد في أكثر العقود المستجدة إنما هو موجود في الفقه الإسلامي ومستوفى فيه، وما علينا إلا الرجوع إلى ما قاله أهل العلم والتخريج عليه.

فأرجو أن يكون محل البحث والنقاش ينصب على محل عقد التوريد، وتفصيل كل ناحية من النواحي وإعطائها الحكم الشرعي الذي ينطبق عليه.

وشكرًا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>