العثماني حنفي والحنفية خرجوا الاستصناع على أساس الاستحسان، والتوريد مثله، قال:" أما المواعدة فلا تنشئ دينًا "، ثم قال:" المواعدة ليست عقدًا "، هذا صحيح إذا كانت غير ملزمة، والكلام في المواعدة الملزمة. ثم لا أدري لماذا حذف وصف الملزمة هنا ولم يحذفه في مواضع أخرى؟
رأي أن مبلغ الضمان لا يشبه العربون، والذي جعله يرى هذا رأيه وأنه خرج التوريد على أساس المواعدة. ميز بين توريد يحتاج إلى صناعة وتوريد لا يحتاج إلى صناعة، وخرج الأول على أساس الاستصناع وخرج الثاني على أساس المواعدة، وذكر أن تخريج التوريد على أساس الاستحسان ومخالفته للقواعد والقياس يفتح المجال لإباحة كثير من العقود الفاسدة. ومأخذي ما يلي:
العثماني حنفي والحنفية كما هو معلوم خرجوا الاستصناع على أساس الاستحسان، فكيف يرضى بتخريج التوريد تارة على أساس الاستحسان وتارة على أساس رفض الاستحسان؟ يفهم من كلامه أن المواعدة ليست من قبيل الاستحسان بل هي متمشية مع القواعد، وهذا الكلام غير صحيح في نظري، فالقول بالإلزام في المواعدة من أخطر المخالفات للقواعد ولكن المسألة تحتاج إلى دقة وتعمق.
تخريج هذه المعاملات على أساس الاستسحان أقوى وأصدق من تخريجها على أساس القواعد، لأن ملف الاستحسان قد يعاد فتحه إذا تغيرت الظروف واستردت الحضارة الإسلامية مكانتها، أما التخريج على أساس القواعد ففيه تلبيس بالنسبة للحاضر وبالنسبة للمستقبل. قال:" لولا هذا الدفتر – دفتر الشروط – لاحتاج كل عارض إلى أن يجري هذه الدراسات الفنية بنفسه " انتهى كلامه، هاهنا حذف تقديره. (لاحتاج إلى أن يجري هذه الدارسات بنفسه لصالح الجهة صاحبة المناقصة) ، وبذلك يبطل مدعاه. قال:" وهذا قريب مما صدر به قرار المجمع "، والحق أنه ليس قريبًا فهو قد ميز بين دفتر شروط لا يتضمن دراسات فنية فلا يجوز بيعه، ودفتر شروط يتضمن دراسات فنية فيجوز بيعه، وقرار المجمع لا يميز هذا التمييز. فكيف يقول هذا قريب من قرار المجمع؟ ! .
قال " لا يجوز شرعًا مصادرة الضمان الابتدائي إذا سحب العارض عرضه قبل إرساء العطاء " تعليقي أن الضمان الابتدائي ما جعل إلا لهذا وإلا كان صوريًّا لا معنى له، كما أن إعطاء الحق للعارض بالانسحاب يتعارض مع مقتضيات المناقصة، بل إنه يؤدي إلى انهيارها من أساسها، والأخذ بمذهب المالكية هنا لا غضاضة فيه بل هو وجيه، وهناك عمليات يجيزها بعض الفقهاء المعاصرين لا سند لها من مذهب أو فقيه. فما معنى أن نترخص تارة فيما لا يفهم ثم نتشدد تارة فيما لا يفهم؟! .