للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عناصر القرينة القضائية:

تقوم القرينة القضائية على عنصرين أساسيين:

الأول: عنصر مادي، وهو الواقعة الثابتة التي يختارها القاضي بحرية واسعة.

الثاني: عنصر معنوي، وهو عملية استنباط يقوم بها القاضي ليتوصل عن طريق هذه الواقعة الثابتة إلى الواقعة الأخرى المجهولة المراد إثباتها.

ويختلف استنباط القضاة باختلاف مداركهم وسلامة تقديرهم للوقائع. فمنهم من كان استنباطه سليما، فيستقيم الدليل معه، ومنهم من يتجافى في استنباطه عن منطق الواقع (١) .

مذاهب ثلاثة في الإثبات: يرى السنهوري أن هناك مذاهب ثلاثة في الإثبات تختلف فيما بينها بشأن الأخذ بالقرائن والأمارات، وهي كما يلي:

١- المذهب الحر أو المطلق، وفيه لا يرسم القانون طرقا محددة للإثبات يقيد بها القاضي بل يترك الخصوم أحرارا يقدمون الأدلة التي يستطيعون إقناع القاضي بها ويترك القاضي حرا في تكوين اعتقاده من أي دليل يقدم إليه.

٢- المذهب القانوني أو المقيد، وفيه يرسم القانون طرقا محددة تحديدا دقيقا لإثبات المصادر المختلفة للروابط القانونية، ويجعل لكل طريق قيمته، ويتقيد بكل ذلك الخصوم والقاضي ... وقد يغلب في الفقه الإسلامي المذهب القانوني في الإثبات، فيجب في الإثبات بالبينة شهادة شاهدين ولا يكتفي بشهادة واحد إلا في حالات استثنائية.

٣- المذهب المختلط، وهو يجمع بين الإثبات المطلق والإثبات المقيد. وأشد ما يكون إطلاقا في المسائل الجنائية، ففيها يكون الإثبات حرا يلتمس القاضي فيه وسائل الإقناع من أي دليل يقدم إليه ... ثم يتقيد الإثبات بعض التقيد في المسائل المدنية فلا يسمح فيها إلا بطرق محددة الإثبات ... وهذا المذهب الثالث هو خير المذاهب جميعا (٢) .

وسوف نلاحظ أن الذي يتغلب على الفقه الإسلامي هو المذهب المختلط وليس المذهب المقيد حسب ما أورده السنهوري.


(١) محمد علي الصوري، التعليق المقارن على مواد قانون الإثبات: (٣/٩٩٢) .
(٢) الوسيط: (٢/٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>