٤- أولاهما: أن الأخذ بالقرائن ليس بالأمر السهل، وبالتالي فقد كان الفقه الحديث في أشد الحاجة إلى الاستعانة بالدراسات المتعمقة التي عودنا عليها علماؤنا القدامى.
فالأخذ بالقرائن- هو في طبيعته- صورة من صور الإثبات غير المباشر، إذ لا ينصب، في المسائل الجنائية- على أركان الجريمة ذاتها أو إسنادها إلى فاعلها، كما أنه لا ينصب في المسائل المدنية على مصدر الحق المدني المدعى به نفسه، وإنما يستنبط الدليل في هذه القرائن من واقعة أخرى، تقوم علامة أو أمارة على الواقعة المراد إثباتها، وذلك بسبب الرابطة التي تربط بين الواقعتين.
واعتماد الاستدلال على استنباط أمر مجهول من واقعة معلومة، يتطلب فضلا عن الحذق والملكة- أن توضع القواعد التي تنير الطريق السوي أمام العقل، ليتسنى له الوصول إلى النتائج السليمة حين ينتقل من المعلوم إلى المجهول، وذلك على نحو ما جهد فيه علماؤنا الأفاضل عند دراستهم لعلم أصول الفقه وسائر العلوم العقلية الأخرى.