للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن إعجاز هذا الحديث الشريف وما فيه من معان جميلة سامية أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((هن مواقيت لأهلهن ومن أتى عليهن من غير أهلهن)) لم يحدد، ذلك عام ((من أتى عليهن)) ، صحيح في ذلك الوقت لم يكن الطيران معروفًا لكن ((من أتى عليهن)) بأي وسيلة، لم يحدد الوسيلة، لم يكن أرضًا. ولذلك لا يصح لنا أن نقول في مجال الحديث: إن الطيران والطائرات التي نسافر بها اليوم لو كان موجودًا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حين حدد هذه المواقيت الأرضية لأجل الإحرام، لما كان المرور جوًا بالطائرة فوق بقعة الميقات مشمولة. هذا الكلام لا يقال، صحيح أن الطيران لم يكن موجودًا، ولم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز لنا أن نقصر الحديث ونقول: إنه لا يشمل وقتنا هذا، ومن المعلوم أن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هي شريعة ووحي من الله، وهي صالحة لكل زمان ومكان.

وأنا أقول في تفسير هذا الحديث أنه يشمل كل الطريق الذي يمر على المواقيت بأي أداة كانت؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى. وقد أخبر في أحاديث كثيرة عن المغيبات التي وقعت في عصرنا هذا. فصلى الله عليه وسلم حينما يشرع يشرع تشريعًا عامًا في كل زمان ومكان، والعلم يتقدم والإسلام موافق للعلم، والآية الكريمة التي نقرأها في كتاب الله: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٨] . منها الطائرة والباخرة وكل شيء، فلا يصح أن نقصر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وحي يوحى، فحينما نقرأ الأحاديث نتصور الناحية الروحية ولا نقصرها على الناحية المادية؛ لأن هذا لا يليق بأحاديث الرسول وهي وحي من عند الله {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] . وتكفي هذه الإشارة والتعقيب، ولا أريد أن أطيل، فالبحث طويل لكن اختصارًا للوقت. وشكرا للإخوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>