للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجوز إذن أن يباع الريال السعودي مثلاً بعدد أكثر من الربيات الباكستانية.

ثم إن أسعار هذه العملات بالنسبة إلى العملات الأخرى، ربما تعين من قبل الحكومات، فهل يجوز بيعها بأقل أو أكثر من ذلك السعر المحدد؟ والجواب عندي أن البيع بخلاف هذا السعر الرسمي لا يعتبر ربا؛ لما قدمنا من أنها أجناس مختلفة، ولكن تجري عليه أحكام التسعير، فمن جوز التسعير في العروض، جاز عنده هذا التعسير أيضًا، ولا ينبغي مخالفة هذا السعر، إما لأن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية واجب (١) ، وإما لأن كل من يسكن دولة فإنه يلتزم قولاً أو عملاً بأنه يتبع قوانينها، وحينئذ يجب عليه اتباع أحكامها، مادامت تلك القوانين لا تجبر على معصبة دينية (٢) .

بيع العملات بدون التقابض:

ثم إن هذه الأوراق النقدية، وإن كان لا يجوز فيها التفاضل، ولكن بيعها ليس بصرف، فلا يشترط فيه التقابض في مجلس العقد، نعم يشترط قبض أحد البدلين عند الإمام أبي حنيفة وأصحابه؛ لأن الفلوس عندهم لا تتعين بالتعيين، فلو افترقا دون أن يقبض أحد البدلين، لزم الافتراق عن دين بدين (٣) . وأما عند الأئمة الثلاثة فينبغي أن لا يشترط ذلك إن كان أحد البدلين متعينًا؛ لأن الأثمان تتعين بالتعيين عندهم (٤) .


(١) هذه القاعدة صرح بها الفقهاء، راجع مثلاً "شرح السير الكبير للسرخسي: ١/٩٦ ورد المحتار، باب العيدين: ١/٧٨٠ وباب الاستسقاء ١/٧٩٢، وكتاب الحظر والإباحة: ٥/٤٠٧.
(٢) راجع أحكام القرآن للشيخ المفتي محمد شفيع رحمة الله: ٥/٤٣.
(٣) راجع الدر المختار مع رد المحتار: ٤/١٨٣ و ١٨٤.
(٤) راجع المغني لابن قدامة، باب الصرف: ٤/١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>