فعلى سبيل المثال - حتى تتضح الصورة - كان الشخص الذي يملك (٣٠.٠٠٠) دينار عراقي عام ١٩٩٠م كان غنيًا، حيث كان يساوي أكثر من (٩٠.٠٠٠) دولار، وكان بإمكانه أن يشتري به منزلًا وسيارة، أما اليوم فهو يساوي عشرين دولار فقط، وهو لا يكفي لاستضافة شخصين من الأكل العادي.
وأمام هذه الهزات العنيفة للنقود الورقية، والمشاكل الكبرى التي تحدث بين حين وآخر حاول مجمع الفقه الموقر التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي الوصول إلى حلول ناجحة لحماية أصحاب الحقوق منذ فترة مبكرة، ولخطورة الموضوع ظلت هذه المسألة تناقش في المجمع الموقر عدة مرات في دورته الخامسة، ثم السادسة والسابعة والثامنة، وقد كان القرار الصادر الذي صدر من المجمع الموقر في دورته الخامسة، والذي ينص على مثلية النقود؛ قرارًا صدر بالأكثرية، ولم يكن بالإجماع، ولذلك ظل مثار نقاش وعرض وطلب، حيث قدمت مذكرة إلى مجمع الفقه في دورته السادسة، وهكذا،
ثم عقد المجمع الموقر عدة ندوات لتعديل هذا القرار، ولا نزال ننتظر ذلك لتحقيق العدالة المطلوبة، وغرضنا جميعًا الوصول إلى الحق.
وفي هذا البحث سأتحدث في الفصل الأول عن التضخم في الاقتصاد الحديث بإيجاز شديد، ثم أتحدث في الفصل الثاني عن العلاج الفقهي على ضوء الكتاب والسنة والمبادئ العامة للشريعة وأقوال الفقهاء، والله نسأل أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يعصمنا من الخطأ والزلل في العقيدة والقول والعمل.