لماذا لا نعتد بالرخص والغلاء في الذهب والفضة، والحنطة والشعير ونحوهما، في الوقت الذي نعتد بهما في النقود الورقية؟
الجواب عن ذلك: أن هذه القضية تتعلق بالمثلي والقيمي، حيث لا ينظر في المثلي إلى القيمة،أما القيمي فيلاحظ فيه القيمة - كما سبق – ونحن قلنا: إن النقود الورقية لا يمكن اعتبارها مثل الذهب والفضة في جميع الأحكام، ولا إلغاء نقديتها، وإنما الحل الوسط هو ما ذكرناه.
ومن هنا فهي وإن كانت مثلية – كقاعدة عامة – لكنها عند وجود الفرق الشاسع يلاحظ فيها القيمة، كالماء الذي أخذه الإنسان في الصحراء، فلا يرجع له الماء، وإنما عليه قيمته في ذلك المكان.
وهذا الحل ليس خاصًّا بردِّ القرض، بل هو عام في جميع الحقوق التي تؤدى بالعملات الورقية، فنرى ضرورة ملاحظة القيمة في الإجارات والرواتب والأجور ونحوها، وهذا ما تلاحظه الدور المتقدمة عندما يكون التخضم كبيرًا، فليس من العدالة أنك لو استأجرت بيتًا بألف ليرة لبنانية – أو نحوها – عام سبعين أن تدفع نفس المبلغ اليوم، فألف في (١٩٧٠م) كان يساوي (٥٠٠) دولار تقريبًا، وألف اليوم يساوي دولارين فقط، وكذلك الرواتب والأجور والله أعلم.