للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم يشترط في صحة الثمن كالثمن شروط تكفلت ببيانها كتب الفروع، والاقتصاديون لا يلتفتون إليها في معاملاتهم لعدم تقيدهم في ذلك بأحكام الدين، فإذا اتفقت الملة على أن يأخذوا أي شيء كان صنفه ويعتبرونه ثمنًا يبيعون به ويشترون، أو رأت الحكومة ضرب أي عملة وقدرت لها قيمة للتعامل بها، فذلك سائغ عندهم، وأما عند الشرعيين فلا بد لها من شروط، منها أن يكون طاهرًا منتفعًا به شرعًا فلا يجوز اتخاذ من جلود الميتة، ولا من الخمور والزيوت النجسة، ولا من آلات اللهو والطرب كالأعواد والمزامير ونحوها. وعلى كل حال فلا بد لكل أمة من الاتفاق على نقد واحد يجري به التعامل بينهم، ويحفظ التوازن في المبادلة بحيث يعطي به الفرد كما يأخذ،، فإن تبادل المنافع ضروري في المجتمع الإنساني، إذ ليس كل إنسان لديه جميع ما يحتاج إليه ولا في استطاعته الحصول عليه بدون الاستعانة بغيره، ولا يمكن أن يستأثر بحاجيات نفسه ومنافع غيره بدون عوض يبذله وبدل يدفعه.

والأصل في العوض المماثلة ولو التقريبية، وتحقيقها من العسر بمكان في المبادلة بالسلع، فلا بد من الاتفاق على بدل مقارب تتفاوت أصنافه في القيم إما بالخلقة والذات أو بالوضع والتقدير، وأجوده وأقومه نقد الذهب والفضة لقلة وجودهما ووفرة نفقات استخراجهما، وأسهله وأيسره اتخاذًا ومعاملة نقد الأوراق والكواغد وقطع الجلود ونحوها (١) .


(١) ينظر رسالة (التبيان في زكاة الأثمان) للشيخ حسنين مخلوف: ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>