للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواقع أن هناك روايات أخرى تدل على أن قيمة الإبل حتى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن مستقرة استقرارًا تامًا، وإنما كانت تابعة لغلاء الإبل ورخصها، فقد روى أبو داود، والنسائي والترمذي بسندهم: ((أن رجلًا من بني عدي قتل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفًا)) (١) .

كما روى الدارمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم فرض على أهل الذهب ألف دينار (٢) .

وروى النسائي: ((وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقومها على أهل الإبل إذا غلت رفع قيمتها، وإذا هانت نقص من قيمتها على نحو الزمان ما كان، فبلغ قيمتها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الأربعمائة دينار إلى ثمانمائة دينار، أو عدلها من الورق)) (٣) ، وروى البخاري بسنده في قصة شراء النبي صلى الله عليه وسلم ناقة جابر قال ابن جريج عن عطاء وغيره، عن جابر: ((أخذته بأربعة دنانير)) . وهذا يكون أوقية على حساب الدينار بعشرة دراهم. (٤)

كل ما ذكرناه يدل بوضوح على أهمية اعتبار السلع الأساسية وجعلها معيارًا يرجع إليها عند التقويم، ومن هذا المنطلق يمكن أن نضع سلة لهذه السلع ونقيس من خلالها قيمة النقود – كما ذكرنا – ولذلك نرى الأستاذ القرضاوي يثير تساؤلًا حول ما إذا هبطت قيمة الذهب أيضًا: هل من سبيل إلى وضع معيار ثابت للغنى الشرعي؟ فيقول: " وهنا قد نجد من يتجه إلى تقدير نصاب النقود بالأنصبة الأخرى الثابتة بالنص " ثم ذكر عدة خيارات داخل السلع الأساسية، مثل الإبل والغنم والزروع والثمار، ثم رجح كون الإبل والغنم المعيار الثابت، حيث إن لهما قيمة ذاتية لا ينازع فيها أحد.


(١) سنن أبي داود، مع العون، كتاب الديات: ١٢ / ٢٩٠؛ والترمذي، مع التحفة، كتاب الديات: ٤ / ٦٤٦، قال الشوكاني في النيل ٨ / ٢٧١: وكثرة طرقه تشهد بصحته.
(٢) سنن الدرامي، كتاب الديات: ٢ / ١١٣؛ وراجع نيل الأوطار: ٨ / ٢٧١.
(٣) سنن النسائي، كتاب القسامة: ٨ / ٤٣.
(٤) صحيح البخاري، مع فتح الباري، كتاب الشروط: ٥ / ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>