للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الأول:

دراسة صور العلاج المتقرحة لآثار التضخم على الالتزامات في الحال الأولى – وهي التي ينشأ فيها الالتزام بدون ملاحظة احتمال التغير في قيمة العملة، وصور العلاج المقترحة هنا أربع:

١- الصلح.

٢-التحكيم.

٣- القضاء.

٤- الإلزام العام من الحكومة لجميع القطاعات أو الخاص لبعضها (كالأجور مثلًا) .

وقبل تفصيل القول في هذه الصور لابد من الحديث عن مشروعية النظر في علاج آثار التضخم في هذه الحال، فنقول وبالله التوفيق:

لدى التأمل في علاج آثار التضخم هنا فإنا نجد أنه لم يرد له ذكر في صلب العقد، ولم يتناوله شرط، والأصل أنه لا يلزم العاقدين ما لم يلتزما به في العقد الذي تم بينهما، ولم يكن ذلك أيضًا من الشروط التي نص عليها في العقد حتى يقال بأن الوفاء بالشرط واجب إعمالًا للحديث الوارد في هذا: (( ((المسلمون على شروطهم، إلا شرطًا أحل حرامًا , أو حرم حلالًا)) )) (١) .

إضافة إلى أن الأخذ بهذه الصورة يؤدي إلى الزيادة في جنس الحق الذي ترتب في الذمة، وهو أمر يقود إلى الربا، وقد حرم الله الربا تحريمًا قاطعًا في كتابه الكريم، وتوعد عليه بأشد أنواع الوعيد في مواطن عديدة من كتابه الكريم وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] ، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٨ – ٢٧٩] . وبيّن النبي عليه الصلاة والسلام أنه من أكبر الموبقات في الحديث الصحيح الذي رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه: قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: (( ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) )) (٢) .


(١) استشهد البخاري في باب أجرة السمسرة من كتاب الإجارة ولفظه: ((المؤمنون على شروطهم)) ورواه الترمذي من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده عن رسول بالله صلى بالله عليه وسلم بلفظ: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا ...)) ، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقد استدرك على الترمذي تصحيحه لحديث كثير هذا، وقال ابن حجر في الفتح: " إن البخاري ومن تبعه كالترمذي وابن خزيمة يقوون أمره. أي أمر كثير. انظر: مختصر سنن أبي دود، مع معالم السنن، باب الصلح – كتاب الأقضية: ٥ / ٢١٣؛ فتح الباري شرح صحيح البخاري، باب أجر السمسرة – كتاب الإجارة: ٤ / ٤٥١.
(٢) مختصر صحيح مسلم للمنذري، كتاب الإيمان – باب أكبر الكبائر، ص ١٨ – ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>