للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعفاء الحد الأدنى للمعشية:

وهنا بحث تتم به زكاة العمائر ونحوها، وذلك هو حكم إعفاء الحد الأدنى لمعيشة المالك وعياله، إذا لم يكن له مورد يعيش منه غيرها.

فهل تجب الزكاة في صافي الإيراد السنوي، دون أن يقتطع له منه قدر ما يعيش به هو ومن يعوله في السنة، وبتعبير فقهائنا: ما يحتاج إليه في حوائجه الأصلية؟ أم تجب في جملة الإيراد دون إعفاء شيء من ذلك؟

لا ريب أن من الناس من لا مورد لرزقه غير دار يؤجرها، أو مصنع صغير يديره بنفسه، أو بمن ينوب عنه، وقد يكون هذا المصنع أو تلك الدار لشيخ كبير، أو أرملة، أو صبية أيتام.

فهل يترك لهؤلاء وأمثالهم نصيب لمعيشتهم، وما لا بد لهم منه، وتفرض الزكاة فيما بقى؟ أم تؤخذ الزكاة من جملة الإيراد كله؟

إن الذي يتفق وعدالة الإسلام أن يعفى ما يعتبر حدًا أدنى للمعيشة – في تقدير خبراء متدينين – وأن تجب الزكاة في الباقي من إيراد السنة إذا بلغ نصابًا، وهذا بالنسبة لمن ليس له إيراد آخر يكفيه حاجاته، كمعاش أو راتب أو نحوه.

ودليلنا على ذلك أمران:

الأول: أن الفقهاء اعتبروا المال الذي يحتاج إليه صاحبه حاجة أصلية كالمعدوم شرعًا، وشبهوه بالماء المستحق للعطش، يجوز التيمم مع وجوده، لأنه مع الحاجة إليه اعتبر معدومًا.

الثاني: ما جاءت به الأحاديث – التي ذكرنا من قبل- من أمر الخارصين لثمار النخيل والأعناب بالتخفيف والتيسير على أرباب الثمار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: ((دعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) (أي يعفى من الزكاة هذا القدر توسعة على أرباب المال، وتقديرًا لحاجتهم إلى الأكل من الثمر رطبًا) .

وقد يكون من الأضبط والأيسر إعفاء ثلث الإيراد أو ربعه ابتداء، اهتداء بروح الأحاديث المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>