" قال الزمخشري: ثنى عليه السلام بدعوته إلى الحق مترفقا به متلطفا، فلم يَسِم أباه بالجهل المفرط، ولا نفسه بالعلم الفائق، ولكنه قال: إن معي طائفة من العلم وشيئا منه ليس معك، وذلك علم الدلالة على الطريق السوي، فلا تستنكف، وهب أنى وإياك في مسير، وعندي معرفة بالهداية دونك، فاتبعني أنجك من أن تضل وتتيه ".
وجاء في تفسير في قوله تعالى:{يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا}[مريم: ٤٥] .
" قال الزمخشري: ربّع عليه السلام بتخويفه سوء العاقبة، وبما يجره ما هو فيه من التبعة والوبال، ولم يخل ذلك من حسن الأدب، حيث لم يصرح بأن العقاب لاحق به وأن العذب لاحق به ولكنه قال:{أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَاب}[مريم: ٤٥] ، فذكر الخوف والمسّ ونكر العذاب، وجعل ولاية الشيطان ودخوله في جملة أشياعه وأوليائه أكبر من العذاب، وصدر كل نصيحة من النصائح الأربعة بقوله:{يَا أَبَتِ} توسلا إليه واستعطافا "(١) . اهـ.
قلت: وكل ذلك نقله العلامة القاسمى عن الإمام الزمخشري في الكشاف، فلينظر. ولعل في هذا البيان الإلهي الكريم وما صحبه من تفسير قيم عن عالمين جليلين من كبار المفسرين رحمهم الله تعالى؛ غنية.
أقول: والذي رجحه بعض المفسرين أن آزر هو عمه وليس أباه، والعم يطلق عليه (أب) لغة، وفي هذا من زيادة التأدب والتلطف ما فيه، والله أعلم.
(١) انظر تفسير محاسن التأويل للعلامة محمد جمال الدين القاسمي: ١١ / ٤١٤٥ وما بعدها.