للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

الحقوق المالية

المطلب الأول – نفقة الوالدين على أولادهم:

وجبت نفقة الوالدين على أولادهم في الكتاب والسنة والإجماع وضرب من المعقول، فمن الكتاب العزيز قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣] ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما، وقال تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] هذا في الوالدين الكافرين، فالمسلمان أولى، والإنفاق عليهما لدى الحاجة من أعرف المعروف، وقال تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: ٢٣] لما في كلمة (أُفٍّ) من الإيذاء لهما، ومن المعلوم أن ترك الإنفاق عليهما عند الحاجة وقدرة الولد على ذلك أكثر إيذاء لهما من كلمة (أُفٍّ) ، فكان النهي عن كلمة (أُفٍّ) نهيًا عما هو أشد منها كعدم الإنفاق عليهما عند حاجتهما، فيكون الإنفاق عليهما واجبا.

- ومن السنة المشرفة: قوله صلى الله عليه وسلم: (( ((إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه)) )) فإذا كان كسب الولد هو كسب والده؛ كانت نفقة الوالد في هذا الكسب لأن نفقة الإنسان في كسبه.

- ومن الإجماع: فقد قال العلامة الفقهي المجتهد ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد ".

- وأما المعقول: فلأن الولد هو بعض والده، فكما يجب عليه أن ينفق على نفسه وأهله كذلك يجب عليه أن ينفق على أصله الذي هو بعضه.

والوالدان المشمولان بإبجاب النفقة لهما على ولدهما، هما الوالدن المباشران والأجداد والجدات وإن علو، سواء من جهة الأب أو من جهة الأم، وهذا هو مذهب الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية والجعفرية وغيرهم. والحجة لهم قوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٨] ، فسمى الله تعالى إبراهيم أبًّا وهو جد، وهذا خلافًا لمذهب الإمام مالك في نفقة الجد والجدة، والصحيح قول الجمهور، والمالكية مع الجمهور في وجوب نفقة الأم على ولدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>