للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

واجب الدولة نحو العاجزين

إذا لم يكن للفقير العاجز مَن ينفق عليه، وقد علمت أن الأقارب الذين تجب عليهم يشملهم معنى القرابة في أوسع معانيه، فيشمل الآباء والأجداد والجدات والأبناء وأبناء الأبناء وأبناء البنات، مهما نزلوا، ويشمل الإخوة والأخوات وأولادهم والأعمام والعمات وأولادهم، والأخوال والخالات وأولادهم وأعمام الأب وعماته وأولادهم، وأعمام الجد وعماته، وهكذا مهما بعدت درجة القرابة.

ولا شك أن القريب العاجز لا يعدم أن يجد من هؤلاء من يستطيع طلب النفقة منه، ويلزمه القضاء بالإنفاق عليه، وهو من تحقيق التكافل الاجتماعي في الأسرة بأقصى مدى.

ولكن إذا لم يكن في القرابة قاصيها ودانيها من يستطيع الإنفاق على الفقير العاجز؛ فعندئذ ينتقل الوجوب من الأسرة الصغرى إلى الأسرة الكبرى، وهي المجتمع ممثلًا في الدولة التي تحميه وتنسق بين قواه وتقوم بالقسط فيه وتنفذ التكافل الاجتماعي فيه على أكمل الوجوه.

وإذا قامت الدولة بالواجب عليها نفذ القائم عليها حكم الشرع الذي أوجب عليها تنفيذه، كما كان يفعل الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد كان يمد العاجزين حتى إنه كان يزوجهم، وكما كان يفعل أبو بكر رضي الله عنه، وكما كان يفعل عمر رضي الله عنه الذي كان يبحث عن الفقراء ليعطيهم، والذي أخذ على نفسه عهدًا أنه إذا عاش ليتنقلن بين الأقطار الإسلامية يبحث عن الفقراء ليعطيهم، وإذا قامت بذلك الدولة فقد أدت ما وجب عليها، وكان للقائم عليها الثواب من الله تعالى، ويكون التنفيذ في هذه الحال بالطريق الإداري.

وإذا لم تقم الدولة بواجبها في ذلك، فإن القضاء يحكم عليها ويلزمها كما قرر الفقهاء، وذلك مبدأ لم يُسبَق به الإسلام، ويجب على بيت المال تنفيذ ذلك الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>