تعتبر مشكلات المسنين واحدة من أهم القضايا التي تفرض نفسها في المجتمعات الغربية الصناعية، ويزيد من حدتها النتائج المترتبة على التغير التكنولوجي والمعدلات المتزايدة لفئة كبار السن في غالبية دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتشير الدراسات الإحصائية في الولايات المتحدة إلى أنه في حين كانت فئة المسنين (٦٥) سنة فأكثر تمثل (٤ %) من إجمالي السكان في سنة (١٩٠٠م)(حوالي ٣ مليون فردًا) وصلت النسبة إلى (١٠ %) من إجمالي السكان (إي حوالي ٢٠ مليون فردًا) في سنة ١٩٧٠م، بل إن الزيادة في هذه الفئة العمرية خلال الفترة الزمنية من ١٩٦٠ إلى ١٩٧٠م بلغت نسبتها (١, ٢١ %) مقابل نسبة زيادة لم تتجاوز (٥, ١٢ %) في الفئات العمرية الأخرى الأقل سنا، ويتوقع طبقًا لهذه الأرقام أن يصل حجم هذه الفئة (المسنين) إلى (٢٨) مليون فردًا في سنة ٢٠٠٠م.
وهذه المعدلات المتزايدة إنما تعني في واقع الأمر زيادة في الطلب على برامج الرعاية الاجتماعية والاقتصادية والخدمات الطبية والعلاجية، مما يقلق صانعي القرارات في المجتمع الأمريكي، وقد سبقت الإشارة إلى أن المسنين هم أكثر الفئات العمرية عرضة الإصابة بالأمراض المزمنة المستعصية، فضلًا عن الانخفاض في الدخول الاقتصادية أو انقطاعها تمامًا في بعض الأحيان، مما يعني ضرورة تنظيم مواجهة للحاجات والمشكلات التي تطرحها هذه الظروف من خلال مداخل طبية واجتماعية علاجية ووقائية ... إلخ. ومن ناحية أخرى تشير بعض الدراسات الإحضائية في أوروبا إلى وجود هذا الاتجاه وهو زيادة نسبة المسنين مقارنة مع بقية الفئات العمرية في هذه المجتمعات، ففي السويد تشير بعض الدراسات إلى أن نسبة المسنين وصلت إلى درجة مرتفعة بحيث نجد أنه من بين كل (٨) مواطنين يوجد مواطن فوق سن التقاعد الذي يصل إلى (٦٧) سنة، كذلك نجد أوضاعًا مشابهة في شمال وغرب أوروبا، حيث يتوقع أن تصل نسبة فئة المسنين إلى أكثر من (١٤ %) من جملة السكان في الثمانينيات، ويكشف استعراض التراث البحثي والدراسات المتعددة في مجال سياسات رعاية المسنين في المجتعات الغربية على أن هناك محاولات جادة للسيطرة على حاجات المسنين ومشكلاتهم، وأن هناك أكثر من مدخل لتوفير الرعاية المنظمة لهذه الفئة من سكان المجتمع، وسوف نعرض تفصيلًا للمداخل الغربية في رعاية المسنين، ثم نتبع ذلك العرض بوجهة نظر نقدية في مزاياها وعيوبها لاستكشاف نقاط الضعف والقوة فيها والاستفادة من الخبرات المتراكمة في ذلك المجال.