للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت رحمته صلى الله عليه وسلم تتجلى أكثر ما تتجلى بالأطفال حتى إنه ليهم بإطالة الصلاة، فيسمع بكاء الصبي، فيخفف صلاته، شفقة عليه وعلى أمه.

وكان صلى الله عليه وسلم يقبل أبناءه الحسن والحسين، ويلعب معهم، ويركبون على ظهره الشريف عليه أزكى الصلاة والسلام، وكان يحتضنهما ويقول: ((هما ريحانتاي من الدنيا)) .

وقبل ذات مرة الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ((من لا يرحم لا يرحم)) (١) . وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تقبلون الصبيان! فما نقبلهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَوَأملك أن نزع الله من قلبك الرحمة)) .

والأحاديث في باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالأطفال كثيرة جدًا، وتملأ شطرًا من كتب الحديثة ودواوينه.

وعلى مدى التاريخ الإسلامي كانت معاملة الأطفال تمتاز بالرقة والحنان والشفقة، وتوجيه هؤلاء الأطفال إذا بلغوا سن التوجيه، ولم يكن الأمر يقتصر على حب الأبناء الذي غرزه الله في قلوب الآباء والأمهات، ولكنه تعداه إلى حب البنات والإحسان إليهن، وعدم التضجر من ولادة البنات، أو التسخط على ما أنعم الله بهن.

قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: ٥٨ – ٥٩] .

وهو سبحانه الذي يهب الإناث والذكور أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا. قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: ٤٩ – ٥٠] .


(١) أخرجه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>